الثأر الياباني .
عندما قرأت هذا المقال عن كيفية انتقام اليابان من العراق لمقتل الصحفي " شنسوكي هاشيدا " في الفلوجة العراقية شعرت حقاً بغصة في الحلق وحرقة في القلب !
فكيف انتقمت اليابان و عائلة الصحفي " هاشيدا " لمقتل إبنهم غدراً في العراق ؟
هذا المواطن الياباني كان صحفياً، قدم إلى العراق عام 2004 لتغطية أحداث الفلوجة و المعارك التي دارت فيها.
أثناء وجود السيد " هاشيدا " في الفلوجة في آذار 2004 شاهد طفل عراقي عمره 9 سنوات إسمه (محمد هيثم) كان قد تعرض لاختراق شظية لإحدى عينيه مما كان سيهدده بالعمى الكامل إذا لم تتم معالجته في ذلك الوقت. وقتها كان معظم جراحي العيون الكبار في بغداد قد غادروا العراق بسبب جرائم الخطف و القتل التي انتشرت بعد 2003 التي أفرغت العراق من كبار أطبائه و جراحيه، لذا لم يكن بالإمكان علاج محمد في العراق، فما كان من السيد
" هاشيدا " إلا أن يعد عائلة الطفل محمد بأنه سيعود قريباً بعد أخذ الموافقات في بلاده و يصطحبه معه إلى اليابان للعلاج على نفقة الشعب الياباني.
و قد وفى " هاشيدا " بوعده بعد أن أجرى كل الترتيبات لسفره، و عاد في أيار 2004 إلى العراق ثم إلى الفلوجة لاصطحاب محمد و علاجه في اليابان، و لكن حدثت المأساة حيث وقع " هاشيدا " بيد تنظيم القاعدة فقتلوه مع خاله الصحفي أيضاً الذي كان يبلغ من العمر 65 عاماً و معهم المترجم العراقي.
و هكذا لقى السيد " هاشيدا " حتفه جزاءً لإنسانيته..
لكن هل تبرد نيران الثأر لدى عائلته؟؟ إذن لننظر كيف انتقمت اليابان وعائلة " هاشيدا " لمقتل إبنها و خاله غدراً !
أولاً/ الحكومة اليابانية انتقمت بأن أنشأت بالتعاون مع وزارة الصحة اليابانية صندوقاً لبناء مستشفى مزود بأرقى الإمكانيات الطبية لعلاج الأمراض السرطانية للأطفال برعاية الأمم المتحدة، بعد أن تبرعت بالملايين اللازمة لإكمال المشروع الذي افتتح في الفلوجة في مارس/ آذار 2013 ويعمل فيه حاليا 30 طبيباً.
ثانياً/ عائلة المرحوم "هاشيدا" لم تشأ أن تنسى أو تترك ثأرها و رغبتها في الإنتقام لمقتله، فقامت بالوفاء بالعهد الذي قطعه فقيدهم و احضروا (محمد هيثم) إلى اليابان و عالجوه و أنقذوا بصره بعد شهر واحد من مقتل فقيدهم، و (محمد هيثم) هو اليوم في ريعان الشباب و قد عاد أمله في الحياة.
ثالثاً/ لم تكتفي أرملة هاشيدا بذلك بل أنشأت مشروعاً خيرياً باسم زوجها الشهيد لمنفعة الأطفال في العراق و كان هذا المشروع هو المحرك المحفّز للحكومة اليابانية لبناء المستشفى التي ذكرناها أعلاه...
فما أقبح هؤلاء اليابانيين و طريقة ثأرهم و هم شعب ليس فيهم لا أنبياء و لا أئمة جوامع و لا أحزاب و لا عشائر و لا قادة ملهمين، لذلك فهم مجرمون بحق الإنسانيه....
فهل عرفتم لماذا نحن متخلفون وهم متقدمون؟؟؟!!!
و لماذا إنسانهم محترم و إنساننا مقهور و محتقر؟؟!!
و لماذا نحن نكره بعضنا بعضاً و هم يوفون حتى بوعود موتاهم لقاتليهم.
و لماذا لديهم كل السياسيين يخدمون الشعب و نحن لدينا شعب يسرقه السياسيون.
رحمك الله يا " هاشيدا " .
لا أعلم من سيدخل الجنه و من سيدخل النار؟
منقول..