منفول———
من المعروف أن تواجد الروس على التراب الليبي ولاسيما في الجنوب يتمثل في مرتزقة فاغنر وما يمكن أن يخلفه بعد تمرد ومقتل زعيمها يفغيني بريغوجين وهذا التواجد يأتي ضمن لعبة التوازنات والصراعات الدولية دون أي إرادة محلية في هذا الأمر.
من البوابات كانت البداية
في البداية كانت قوات المرتزقة تقف في البوابات داخل مدن بلدية الجفرة، ثم أصبحوا يُديرون البوابات الرئيسية على حدودها، وقد استقرت قوات الفاغنر في قاعدة الجفرة ومنها انطلقت وشاركت بقوة في الحرب على طرابلس سنة 2019.
أهالي المنطقة يعلمون بتواجد هذه القوات بشكل غير مباشر في الحقول النفطية وبأنها تفرض نفوذها وسيطرتها الجوية عليهم كما هو الحال في حقلي الشرارة والفيل النفطيين.
جدير بالذكر أن أعداد المرتزقة قد نقصت عن السابق خاصة بعد حرب السودان وأوكرانيا وانتقال بعضهم إلى دول أفريقيا، وقد يعود ذلك لتوسع نشاطها خارج القواعد المعروفة كقاعدة تمنهنت الجوية الواقعة جنوب سبها والتي يوجد فيها مقر قديم يتبع التصنيع الحربي سابقا.
الفاغنر وحفتر ..من يساند من؟
قوات الفاغنر لم تأت لمساندة المشير خليفة حفتر كما يعتقد البعض بل بحثاً عن أماكن وأنواع الثروات الليبية وكل ما يمثل مصالحها ومصالح روسيا ويُعزز وجودها وبقاءها في ليبيا وهي موجودة في الجنوب بمكانين رئيسيين هما قاعدة الجفرة وبراك الشاطئ، أما باقي القوات الأجنبية (السودانية والتشادية) فتتواجد في عدة معسكرات في الجنوب وحتى الزنتان.
قاعدة الجفرة في سطور
تأسست قاعدة الجفرة في الستينات من القرن الماضي، مساحتها أكثر من 4 كيلومتر مربع وبها 12 دشم (مخازن) طائرات كبير و12 حجم أصغر، وتعد قاعدة استراتيجية بالنسبة للقذافي واعتمد عليها كثيراً وترك فيها 3 طائرات نوع توبوليف 22، وطائرتان يوشن وانطونوف وعدد من المروحيات.
حالياً تستقبل هذه القاعدة طائرات قادمة من روسيا بشكل شبه يومي، وهناك تحديث وتوسع متواصل داخل القاعدة منذ وصول قوات الفاغنر حيث تمت صيانة وتوسعة المهبط وإضافة مخازن وحفر خنادق داخل وحول القاعدة كما تم نشر منظومات دفاع جوي ومدافع مضادة للطائرات شمال وجنوب القاعدة إضافة إلى الطائرات الموجودة داخلها الآن وهي أسراب حديثة من الميغ 25 والميغ 29 وقاذفات سوخوي 24 التي شوهدت تقوم بجولات في سماء الجفرة، ومؤخراً هناك حركة طائرات مكثفة في قاعدة براك الجوية ومنها نحو دول أفريقية مختلفة.
الأهالي وضريبة الرفض
يرفض الأهالي تواجد قوات الفاغنر والمرتزقة في مناطقهم وقد خرجوا في مدن الجفرة المختلفة للتعبير عن رفضهم وتم قمعهم واعتقال العديد منهم.
كما قتل العديد من أبناء الجفرة بسبب موافقهم المناهضة للمرتزقة والقوات الأجنبية مثل عبد العظيم محمد منصور العطشان والذي كان في مزرعته وتعرض لإطلاق رصاص مباشر من الفاغنر التي كانت تقوم بعمليات انتشار وتمشيط للمزارع المحيطة بمدينة هون أثناء العمليات العسكرية، كما قتل المواطن زياد عبدالهادي العربي عندما قاوم مجموعة من المرتزقة أثناء محاولتهم سرقة سيارته من أمام منزله، كما لقي البعض حتفه جراء التعذيب الوحشي الذي تعرضوا له كما هو الحال مع المواطن عماد عبدالسلام الجطيلاوي والذي أبلغوا ذويه بالوفاة بعد أشهر من الاعتقال وانقطاع الأخبار عنه.
أدت هذه الظروف إلى تهجير الكثير من الناشطين من مناطق الجنوب المختلفة ورحيلهم مع عائلاتهم إلى مدن مصراتة وطرابلس بسبب المضايقات والقيود على حرية التعبير ورفض تواجد المرتزقة في مناطقهم.
مستقبل المرتزقة
إن تواجد المرتزقة والقوات الأجنبية يخالف ما توصلت إليه لجنة (5+5) وقرار مغادرتهم من جميع الأراضي الليبية.
بقاء هذه القوات لا يقدم أي فائدة للمنطقة بل هو يخدم الأهداف الروسية والجماعات المرتبطة بها من ذوي المصالح، لذا يسعى الروس اليوم لتعزيز تواجدهم في شرق ليبيا من خلال السيطرة على الموانئ والمناطق الاستراتيجية.
ويبقى السؤال الذي يطرحه الأهالي عالقاً.. هل ستبقى قوات الفاغنر وغيرها بعد الانتخابات