(من سرق الجامع؟ وأين ذهب يوم الجمعة؟)


من سرق الجامع ؟

واين ذهب يوم الجمعة ؟

فهذا مواطن اسمه عبد الله، يذهب أسبوعياً إلى اجتماع بيت الله، لكي يحضر مؤتمراً رسمياً على مستوى الأمة. لكنه لا يفتح فمه خلال الاجتماع، ولا يتكلم مع المجتمعين ولا يبوح لهم بكلمة، ولا يطلب عونهم، ولا يعاتبهم، ولا يقول لهم شيئاً سوى السلام عليكم.

إنه يترك عمله لحضور المؤتمر، ويغتسل، ويستعد وينطلق إلى الجامع، حاملاً في صدره أكثر من مأساة. لكنه لا يفعل شيئاً في الجامع نفسه سوى أن يجلس ساكتاً بين صفوف من الناس الساكتين. بعض هؤلاء الناس من دون عمل، بعضهم من دون دواء، أغلبهم يعيش في دوامة، وتطارده همومه بين الركعة والسجود، فكل مواطن في هذا الاجتماع له حاجة ملحة عند الله، لكن لا أحد منهم يفتح فمه في بيت الله نفسه.

إنهم يجلسون ساكتين ومنكسي الرؤوس، لكي ينصتوا في صبر لواعظ أمي مثلهم، فقير مثلهم، مظلوم مثلهم، يحدثهم عن جنة لا يعرفون طعم الحياة فيها إلا بعد أن يفارقوا الحياة، وإذا كان هذا المشهد المسحور، قد راق لأعين الوعاظ، حتى أصبح الوعظ حرفة، فإنه لم يرق لعين الله، ولم يجن المسلمون من ورائه سوى أنهم خسروا حتى الآن جنة الدنيا. وبات عليهم أن ينتظروا ماذا سيخسرون أيضا في الآخرة: إن مواطننا المسلم الحالي [الفقير، المتخلف، الخائف، القصير القامة، الذي نشكو من ضعفه على جميع الجهات] هو النتيجة الصحيحة - والعادلة - لما فعله المسلمون بيوم الجمعة.

الصادق النيهوم

الإسلام في الأسر

(من سرق الجامع؟ وأين ذهب يوم الجمعة؟)