كيف تنبأ النيهوم بكل هذا قبل عصره؟
كلمة انتخابات نموذج من نماذج مخاطبة العرب بمصطلحات لا يعرفون لها شريعة في واقعهم.. فالانتخابات في بيئتها الرأسمالية تجري بين خصمين لهما مصالح متعارضة.. أحدهما تسانده قوة رأس المال والآخر تسانده الاتحادات العمالية.. وهما خصمان قد يختلفان حول مسائل جانبية كثيرة لكنّهما ملتزمان دائما بدستور رأسمالي واحد.. يضمن حرية رأس المال وحرية الكسب وحرية الإعلان وحرية القضاء.. وإذا جرب أحدهما أن يعبث بهذه الحريات أو بواحدة منها فإنّ تكافؤ القوى يتيح لخصمه قوة قادرة على ردعه فوراً ودون إبطاء.
إجراء هذه الانتخابات في بلد متخلف لم يدخل العصر الصناعي ولا يملك رأس المال و الاتحادات العمالية يجعل المعركة الانتخابية مجرد تمثيلية لمعركة أخرى دون دماء.. مثل مباراة في الشطرنج بين فلاح فقير يمثّل رأسماليين وهميين وفلاح فقير آخر يمثّل عمّالاً وهميين.. يتنافسان للوصول إلى برلمان لا سلطة له.. ويعرفان أنّهما ليسا طرفا حقيقياً في المعركة.. ولا علاقة لهما بأمر الربح والخسارة.. مما يجعل النائب البرلماني في دول العالم الثالث نموذجاً مشهوراً من نماذج الفساد الإداري والأخلاقي معاً.
-الصادق النيهوم