ما اسهل خداع الناس ...وما اصعب صحوتهم؟

th.jpg


( ما أسهل خداع الناس .. وما أصعب صحوتهم )
رواندا يسكنها قبيلتي الهوتو والتوتسي اللذان يشكلان 99% من السكان ، وينتميان إلى الجنس الأسود ويتكلمان لغة واحدة ولهما ديانة واحدة ، لكن حصلت بينهما حرب في 1994 قتل فيها مليون مواطن في مائة يوم .
القصة بدأت من مستكشف إنجليزي يدعى ( جون هاننغ سبك ) عام 1863 ، ألف كتاب نسج فيها أسطورة تقول بأن قبيلة التوتسي جاءت من أثيوبيا وأصلها يعود للنبي داود ، وهم أرقى من الزنوج الأصليين ، وأستدل على ذلك بقصة من التوراة تقول بأن سيدنا نوح نام عاريا فرأه أبنه حام وأخبر أخويه سام ويافث اللذين غطيا ابيهما ، وحين علم نوح بالأمر لعن ذرية حام الكنعانيين قائلا ( سيبقى وذريته عبدا لأخويه ) وهو ما يعني أن الإنسان الأفريقي الأسود هو من ذرية حام الملعونة .
وأضاف جون بأن التوتسي جنس حامي شبه سامي من المسيحيين الضائعين وأن قليلا من التعليم البريطاني يمكن أن يرتقي بهم إلى مستوى البريطانيين أنفسهم . 
هذه الأسطورة التي لفقها جون أصبحت حتى يومنا هذا حقيقة ثابتة في عقول الروانديين .
حين اجتمع ممثلو الدول الأوربية الكبرى لتقسيم أفريقيا بينهم عام 1885 كانت رواندا وجارتها الجنوبية بوروندي من حصة ألمانيا ، وبعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى قررت عصبة الأمم أن تنقل حكم رواندا بوصفها إحدى غنائم الحرب لبلجيكا . وكانت مصطلحات الهوتو والتوتسي قد تكرست كعرقين متضادين ، فاعتمد البلجيكيون عليها في رسم سياستهم الاستعمارية ، وأرسلوا بعثة علمية تحمل معها أدوات لقياس الوزن وحجم تجويف الجمجمة ، وقال هؤلاء العلماء أن للتوتسي مواصفات ( أكثر نبلا وأرستقراطية ) من الهوتو الأقرب إلى ( الحيوانات ) ، حيث أن معدل طول أنف التوتسي يزيد بمقدار ملمترين ونصف وأنه أضيق بحوالي خمسة ملمترات من معدل أنف الهوتو .
هكذا رسخ المستعمر أساطير واهية في عقول أجيال المجتمع الرواندي ، وظلت تتوارثها كحقائق قابلة لأن تكون شرارة إشتعال في أي وقت يراه المستعمر الغربي لبقاء الهيمنة وسلب الثروات ، 
سردت هذه الواقعة لأنها متكررة بتفاصيل مختلفة في كثير من البلدان التي أشتغل فيها الإستعمار لخلق فتنة عرقية ومذهبية وطائفية يسثتمرها بإستغلال ضعاف النفوس ومحدودي الوعي.

مقال منقول …