الفساد الدبلوماسى فى خارجية ليبيا

مقال منقول جدير بالقرأة... 

فوضى التعيينات: الفساد الدبلوماسي.. آخر ما كان ينقص ليبيا!!

الذين اطلعوا على قرار السراج بشأن تعيين سفراء في بعض دول العالم استغربوا تعيين العشرات من الموظفين والقناصلة والسفراء من خارج موظفي وزارة الخارجية وكادرها المدرّب العامل، الذي يفترض أنه يبقى المؤهل الأول وصاحب الحقّ القانوني والأخلاقي في تبوّء المناصب الدبلوماسية. هذا لأن تكرّر استخدام السلطة التنفيذية لصلاحية التعيين خارج نظام التعيينات المتعارف عليه في الخطط الدبلوماسية أصبح مجحفا ويمس مساسا مباشرا بمعنويات "أبناء الخارجية" ويُوصد في وجوههم أبواب الترقيات ويمنعهم من التطور في وظائفهم.. وهو إلى جانب ذلك يفتح الباب أمام السياسيين المبتدئين والمثيرين للجدل كي "يقفزوا" إلى مناصب لا يستحقونها و"يختصروا" الطريق إلى وظائف يُفنِي موظفو الخارجية الوظيفية حياتهم الوظيفية وهم يحلمون بالحصول عليها!!

ما يستغربه المتابعون، وشخصي المتواضع، من هذه التعيينات أمور كثيرة.. وأهمها بعد الذي أسلفتُ، هو أن التعيينات قد أصبحت منذ أعوام، وتلك التي تمت منذ أيام قليلة بالخصوص، تكتسي أبعادا مختلفة.. فبعضها يتم على سبيل الترضية على غرار ما جرى مع أعضاء المؤتمر، ومع عبد الرحمن السويحلي-الذي أطلق البرلمان البريطاني اليوم حملة لوقف تعيينه سفيرا بالمملكة المتحدة-.. وبعضها على سبيل المكافأة مثلما هو الشأن بالنسبة للمدعو حافظ قدور.. بينما يتم عدد آخر منها لضمان تحصين البعض و"تهريبهم" ومساعدتهم على الإفلات من ملاحقات مالية أو جنائية أو حقوقية.. والقوائم تزخر بالعديد من المشبوهين والمثيرين للجدل المفتقرين إلى أبسط القدرات الأساسية لمزاولة مهامهم، فبعضهم يصطحب معه طاقما من المترجمين وبعضهم يحمّل الخارجية نفقات ومصاريف وعلاج وتسوّق أقارب له من الدرجة العاشرة.. إلى غير ذلك مما كان يمكن تجاهله لو كانت أحوال البلد الاقتصادية على ما يرام، ولو كانت ليبيا لم تتعرض إلى ما تعرضت له من نهب ودمار مالي واقتصادي وفوضى سياسية!!..

تأتي التعيينات الأخيرة في ظل أزمة اقتصادية طاحنة وحديث مستمر ومشبوه عن الإصلاحات الاقتصادية المؤلمة.. فهل يستقيم كل هذا الإنفاق المبالغ فيه مع سياسات التقشف والضغط على النفقات العامة؟

هل يستقيم رفع شعار إعادة تنظيم الخارجية مع "تفريخ" الوظائف والبعثات والمهام والتضخم المفرط لسلك السفراء والقناصلة والمبعوثين والموظفين بالخارج؟

الكلّ يعلم أن كثيرا من الدول محدودة الموارد والإمكانيات المالية تلجأ إلى ما يسمى بضم السفارات أو البعثات.. حيث يضطلع سفير واحد مثلا بمهمة تمثيل البلد بعدد من الدول المتجاورة كما هو الحال في بلدان أفريقية أتذكر أن كثيرا منها تكتفي بتعيين سفير واحد في كافة بلدان المغرب العربي!! فهل هؤلاء أشد حرصا على مواردهم من الليبيين، أم أنهم أشد حكمة وشفافية، أم أننا نرفض الاعتراف بكارثية أوضاعنا ونستمر في مدّ السيقان أكثر مما يسمح به الغطاء؟

الثابت أن المجاملات والمصالح والضغوط، وليست حاجة البلد إلى التمثيل الدبلوماسي، قد أصبحت معايير أساسية للتعيينات القنصلية والدبلوماسية بالخارج.. وأن الإصرار على المضي في هذه التعيينات واصطناع المناصب تلو المناصب، والإبقاء على سفارات وقنصليات في بلدان لا يوجد بها ليبيون أو لا تربطها بليبيا علاقات أو مصالح مهمة، إنما هو شكل من أشكال الفساد.. وتبديد للمقدرات.. وإهدار للمال العام لن يزيد الثقة في المنظومة السياسية الحالية إلا هشاشة وضعفا..

الفساد الدبلوماسي والتعيينات الفوضوية والمشبوهة ملف فساد آخر يُضافُ إلى ملفات أخرى لا بدّ أن تُحاسب عليها القيادة السياسية ممثلة في رئاسة الحكومة والمجلس الرئاسي وليس قيادة وزارة الخارجية التي يظهر أنها لا تقوى على مقاومة الضغوط ويجري ابتزازها لأسباب تتعلق بماضيها السياسي.. وللحديث بقية.