اقلية التبو... فى اليوم التالى لاستعادة الدولة الليبية وبسط النفود والاستقرار..؟
الكلام عن المستقبل ليس من باب التنجيم أوالرجم بالغيب , فالانسان لا يستطيع ان يعيش الحياة الدنيا بدون ان يفكر فى المستقبل .وهو يفعل ذلك ليس حبا فى التنجيم اومعرفة الطالع ولكن لان المستقبل هو جزء من الحاضر الذى يعيشه ويعانى آلامه, فطبيعة الانسان هو القلق..." ان الانسان خلق هلوعا" ... فالإنسان في أصل خلقه فُطِر على حبِّ ذاته ، حبُّ ذاته يتفرَّع منه حبُّ سلامته ، و يتفرَّع منه حبُّ كمال سلامته، وحبُّ بقائه ، أي استمرار سلامته.وهذا ما يجعله يقلق ويفكر فى المستقبل ويبحث عن ضمانات السلامة فى البقاء.
مكون التبو كاقلية عرقية تعيش وسط اغلبية قومية من حقها ان تقلق على مستقبلها , ومن حقها ان تفكر فى مستقبل اجيالها القادمة وهذا القلق له ما يبرره فالتاريخ ملىء بالاحداث المؤسفة و التى انتهت با طهاد وتهميش وحتى الى تطهير عرقى وابادة جماعية لاقليات كان همها وهدفها الوحيد هو المطالبة بحقوقها الانسانية والمدنية و فى المحافظة على هويتها وثراتها.
هناك تناسب عكسى بين استقرار الدولة وتوفر سبل الحياة وضمان الامن والامان والقلق على المستقبل ؟ , كلما تم بناء دولة القانون والسيادة وتم بسط الامن وانتشر الامان, كلما قلت المخاوف على المستقبل والعكس صحيح كلما انتهى النظام و عمت الفوضى وانتشرت المظالم وسلبت الحقوق زاد القلق على المستقبل ؟
وقبل ان نتعمق فى النقاش هناك ثلاث معطيات مهمة لعبت ولازالت تلعب دورا مهما فى تقرير مصير التبو فى هذ المثلث الواقع بين ثلاث دول يجب ان تؤخد فى الاعتبار عند مناقشة مصير ومستقبل التبو فى المنطقة؟ وهى على النحو التالى:
1-انتشار اقلية التبو بين ثلاث دول متجاورة وخوف كل دولة من ازدياد نفودها او تشكلها فى شكل سياسى ؟
2-هناك ثلاث صراعات او حروب خاضتها اقلية التبو فى الدول الثلاثة من اجل حقوقها والمحافظة على هويتها شكل عامل خوف لذى هذه الدول من اقلية التبو ؟
3-ثقافة المجتمعات فى الدول الثلاثة والتى بدورها تؤثر فى اتخاد اى قرار سياسى تتخده اى حكومة والتى كانت دائما ضد مبدأ المواطنة لا تساعد فى استيعاب الاقليات العرقية لتشكل هوية وطنية جامعة ؟
هذه العوامل الثلاثة لا تغيب عند اتخاد اى قرار يتعلق بشأن التبو فى المنطقة,وعلى ضؤ ذلك ينبغى طرح السؤال: ماذا لو استقرت الاوضاع فى ليبيا وتم انشاء الدولة كيف تنظر اول حكومة الى اقلية التبو؟
سوف تتاثر قرارات اى حكومة بأراء ومقترحات القبائل التى كانت مع صراع مع اقلية التبو فى الجنوب والجنوب الشرقى لليبيا , كما هو الحال الان وستكون ارائها عامل ضغط وترهيب لهذه الحكومات حتى وان كانت هذه الحكومات وطنية وتسعى لاستيعاب الاقليات العرقية , وسيبقى الهاجس الامنى وتر تلعب عليه لخلق اكبر قدر من التهميش والاقصاء .وسوف تسعى هذه القبائل للثأر من الماضى من قبائل التبو باستعمال الحكومات كأداة ووسيلة للانتقام.
فى اليوم التالى لانشاء الدولة وبسط الاستقرار سوف لن يكون باحسن حال من ذى قبل , لان رصيد الكراهية والحقد والانتقام من البعض قد اخد حيز كبير من التسامح والاخوة والعقلانية .
وسوف تكون التهم الجوالة ضد اقلية التبو جاهزة وستصب فى تقارير الكراهية فى دواليب الحكومة كما كانت فى السابق ؟