ظاهرة الاختطافا فى ليبيا تتنامى على وقع الانقسامات السياسية؟

 

 

 

باتت ظاهرة الإختطاف الممنهج حدث يومي في المدن الليبية،لا يمكن نكرانها او التعامل معها، الأمر الذي يؤرق الحكومة الليبية ولا سيما ان قدرتها على التعامل مع حالات الاختطاف محدودة،في ظل غياب مؤسسات الدولة القوية القادرة على فرض سلطة القانون ومعاقبة المسؤولين عن هذه الجرائم.

هنالك بعض عمليات الخطف تتم بطريقة ممنهجة نتيجة للأنتماء القبلي والهوية، إذ يقوم الخاطفون من العصابات الإجرامية الإرهابية بطلب فدية مالية أو قد يختلف الدافع  لمجرد القتل.وباتت أخبار الاختطاف مسيطرة على المشهد الإعلامي والسياسي في ليبيا في ظل الحوادث المتكررة والتي تطاول الجميع دون إستثناء.

إلى ذلك،قالت أنباء إن مسلحين مجهولين اختطفوا مدير شركة البريقة لتسويق النفط فؤاد عبد الرحيم، مساء السبت، في العاصمة الليبية طرابلس.وبحسب "إرم نيوز"،فقد أفادت مصادر محلية ونشطاء على مواقع التواصل أن مسلحين أوقفوا سيارة عبدالرحيم، وأجبروه على التوجه معهم إلى جهة مجهولة.ورجحت تلك المصادر أن تكون عصابات تهريب الوقود وراء اختطاف عبدالرحيم المعروف بموقفه المناوئ   لنشاط تلك العصابات.

ويأتي هذا بالتزامن مع أنباء عن وسائل التوصل الاجتماعي مفادها اختطاف فتاة من أمام مطعم النبراس بطرابلس ومقتل شرطي بطريق الشط على يد مجهولين.فيما نفت مديرية أمن طرابلس هذه الأنباء.وأكدت المديرية في منشرو لها عبر صفحتها بفيسبوك،السبت، أنها لم يسجل لديها أي بلاغ بهذا الشأن، ولم تسجل أي حالة اختطاف في سجلاتها.

يأتي هذا بعد أيام من إعلان قوة الردع الخاصة أنها تمكنت من تحرير طفل من عصابة وصفتها بالإجرامية والقبض على أفرادها.وذكرت القوة عبر حسابها على موقع فيسبوك،الثلاثاء الماضي، أن العصابة التي تضم أربعة أفراد اختطفت الطفل لحظة خروجه من المدرسة خلال فترة امتحانات الشهادة الإعدادية وقامت بتهديد عائلته ومساومتهم بالمال مقابل إطلاق سراحه.

الجميع في مرمى الإختطاف

عمليات الخطف هذه التي  يمارسها قطّاع الطرق، و"عصابات الحرابة"، فضلاً عن تشكيلات مسلحة بخلفيات دينية وجهوية مختلفة،باتت تطال جميع الفئات في ليبيا.فقد ضمت قائمة المخطوفين، خلال الأشهر الماضية، عسكريين، وأمنيين، وصحافيين، ومواطنين بينهم رجال وأطفال، وامتدت أيادي الخاطفين أيضاً إلى الفنيين الأجانب العاملين في شركات الكهرباء والنفط بمدن الجنوب، ولم يفرقوا بين الليبيين، وغيرهم من جنسيات عربية وأجنبية، مستغلين الانفلات الأمني في البلاد. 

ففي 22 جويلية 2018،إختطف مسلحون قاضي ووكيل نيابة وشرطيين من محكمة ونيابة ودان الجزئية بمنطقة الجفرة.هذا ووقعت حادثة الاختطاف بعد أن قامت مجموعة مسلحة بإطلاق نار داخل محكمة ودان على خلفية قضية لتهريب الوقود، وفق مديرية أمن الجفرة.وقد تم إطلاق سراح المخطوفين بعد يومين دون تفاصيل.

وفي 23 يوليو 2018،أعلنت المؤسسة الليبية للاستثمار أن مدير الشؤون المالية فيها، هيثم الهادي، تعرّض للاختطاف بعد نهاية عمله الرسمي بمقر المؤسسة في العاصمة طرابلس.وأفادت مصادر إعلامية، أنّ ميليشيا مسلحة من النواصي، هي من قامت بخطف هيثم الهادي في العاصمة الليبية طرابلس، بعد اقتياده وتهريبه عبر سيارة شيفروليه مظلمة.

وفي الجنوب،خطف مسلحون المواطن محمد بشير الشرقاوي من منطقة سمنو بالبوانيس والتي تبعد عن مدينة سبها 70 كيلو متر وبرفقة ابن اخته مصطفى عبدالرحمن العجيلي، وهم في طريق رجوعهم من منطقة المزارع برفقة أطفالهم حيث قام الخاطفون بإطلاق سراح الاطفال واقتياد المخطوفين إلى جهة مجهولة.

كما إستهدفت عمليات الخطف أربعة من العمال في حقل الشرارة جنوب غرب ليبيا،تم إطلاق سراح اثنين منهم.وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس،عقب ذلك إيقاف العمل بحقل الشرارة النفطي كإجراء احترازي، متوقعة خسائر يومية بواقع مئة وستين ألف برميل يوميا.

ورجحت مصادر أمنية، أن يكون الهجوم من قبل عصابات مسلحة منتشرة في المناطق الحدودية جنوب غرب ليبيا، مع الجزائر، بغرض طلب الفدية.وفي تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي، خطف مسلحون مجهولون أربعة مهندسين يعملون بشركات تركية وألمانية المنفذة لمشروع محطة كهرباء أوباري غازي، وهم من جنسيات تركية وبينهم جنوب أفريقي يحمل الجنسية الألمانية.

غياب الأمن

وفي الوقت الذي تتواصل فيه هذه الظاهرة المخيفة،يقتصر الدور الامني على استقبال الشكاوي وتوثيق حالات الخطف فيما يفتقر الى نجاعة الأجراء إلا فيما ندر.وعزا رئيس المجلس العسكري "المنحل" في صبراتة، العقيد الطاهر الغرابلي، انتشار عمليات الخطف في ليبيا من أجل الابتزاز والحصول على المال، إلى "غياب الجهات التنفيذية للقانون، ما جعل هذه الجرائم تتزايد بشكل واسع".

ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط"،عن الغرابلي قوله أن "عمليات الخطف لا تتوقف على قُطّاع الطرق، و(عصابات الحرابة)"، بل أضاف إليهم "(جماعات إرهابية منظمة) مثل (داعش)، تستهدف الحصول على المال، وبث الفرقة بين الليبيين، ونشر الخوف والذعر في قلوبهم"، لافتاً إلى أن "هذه العناصر إن لم تحصل على الفدية التي تطالب بها فإنها لا تتردد في قتل المخطوفين".

وأضاف الغرابلي في حديثه إلى "الشرق الأوسط"، أن التصدي لتلك الجرائم لا يتأتى إلا من خلال "وجود دولة مؤسسات، مبنية على أساس علمي، بعيداً عن تعيين رؤساء الأجهزة الأمنية في حكومة (الوفاق الوطني) على أساس جهوي... فمن غير ذلك ستستمر حالة الانفلات في البلاد، وتتزايد عمليات الخطف للحصول على المال الحرام الذي يدفعه أولياء المخطوفين".

هذا وتوعدت "قوة الردع الخاصة" التي تسيطر على العاصمة، بتتبع "المجرمين الذين يمارسون الخطف والحرابة"،فيما شنت الغرفة الأمنية المشتركة القطرون بجنوب البلاد، الجمعة، هجوماً واسعاً على العصابات الأجنبية التي تمتهن الخطف والتهريب في المنطقة، بالقرب من تجرهي التي تبعد نحو 75 كليو متر عن القطرون.

وأكد رئيس ديوان وزارة الداخلية في المنطقة الجنوبية في الحكومة الليبية الموقتة،أحمد بركة،السبت،في تصريح لبوابة أفريقيا الإخبارية،أن قتلى وجرحى سقطوا نتيجة مواجهات مسلحة اندلعت بين عصابات وافدة تمتهن عمليات الخطف بغرض الابتزاز وبين العناصر الأمنية في القطرون، جنوب ليبيا.