مقال منقول...
مع كل يوم جديد، تطالعنا الأخبار الواردة من منطقة الجنوب بالمزيد ممّا يدمي القلب ويبعث على الحسرة من الشكاوى والاستغاثات.. وإذا صبر الناس في فزان على شظف العيش وشحّ أسباب الاسترزاق وموارد الطبيعة، رغم أن منطقتهم مصدر أساسي للثروة.. وإذا تحمّلوا نقص الدواء وتردي الخدمات العلاجية والصحية وانعدام النظافة والإحاطة.. وتعايشوا مع حالات الوفيات المتكررة وعجز المستشفيات المتزايد عن استيعاب حالات المرضى.. فإن أبناء هذه المنطقة المنكوبة يستغيثون اليوم من الفوضى، ويصرخون طلباً للحياة، وردع العصابات الإجرامية التي لم تترك أحدا بأمان.. أصبح الناس في فزّان يُقتلُون من قبل المجرمين والوافدين غير الشرعيين وعناصر الميليشيات أمام بيوتهم وداخلها.. وأصبحت حُرُماتهم تُنتهك على رؤوس الأشهاد وهُم متروكون لمصيرهم دون أي تدخل مسئول يعيد إليهم الأمل في الانتماء إلى هذا البلد.. .و هنالك إصرارا على التعامل مع مطالب ومعاناة واستغاثات أهالي فزان باستهتار وباحتقار.. ولا أبالغ إن قلت أن الخارج يسمع هذه الصرخات ويتفهم هذه المعاناة أكثر من الداخل.. فقطاع واسع من أبناء المنطقة يقتاتون من المساعدات والمكرمات، ويُعالجُون بشحنات دوائية توزعها منظمات خيرية، وتمنحها دول ذات أطماع معروفة في ليبيا، وفي فزان تحديدا!!
فهل توافق الدولة على هذا؟ وهل أصبحت فزان عبئا على المركز إلى الحدّ الذي يجعله لا يهتم بدماء أبنائها الذين أهلكتهم اقتتال وصراع المليشيات وزحف المهاجرين وانقطاع الكهرباء والخدمات وتهالك منظومة الصرف الصحي وتلوث البيئة وانتشار الاوبئة والامراض وشحً الوقود والسلع التموينية؟
وليعلم الجميع أن فزان ليست خزان غذاء لليبيين، فحسب.. بل خزان للمياه والنفط يمكن أن يحول أراضيها إلى جنة.. لو وجدت الارادة الفاعلة والعزيمة الصادقة والقادرة على التغيير وتسخير هذه الامكانيات لبناء هذه الجزء العزيز من بلادنا
اذ لمصلحة من هذا التهميش والإهمال المتعمّد خدمة للأجندة الغير وطنية وإغلاق أبواب المعالجات الممكنة والقضاء على فرص تخفيف المعاناة لتحقيق طموحات فئوية وجهوية لصالح اطراف بعينها..
هذا بعض ما قد غاب عنكم أيها الليبيون.. ولا يلُومنَّ أحدٌ أبناء فزان إن كفروا بحكومات ومسئولين لا يهتمون بهم ولا يحفلون بمعاناتهم وهم الذين يعيشون على ارض زاخرة بالثروات والمقدرات تمرّ أمام أعين أبنائهم المحرومين المستضعفين من ابسط الحقوق .. إن فزان ليبية.. وأهلها ليبيون.. فتصرفوا بمسئولية ووطنية مع هذا الجزء العزيز من ليبيا فَهُمْ أصحاب حق وليسوا طلاب حسنة أو صدقة ينالونها مسمومة بالمنّ والأذى..