الصراع العرقى: هو النزاع الذي يكون فيه أحد طرفيه، أو كلاهما، مجموعة عرقية. أي مجموعة لها أصول قبلية أو عشائرية أو واحدة، أو تشترك معا في لغة وديانة واحدة. ويعد الوعي السياسي، بصورة عامة، هو المؤدي إلى تحول المجموعات العرقية أو اللغوية أو الثقافية إلى مجتمعات عرقية، فإذا ساد الوعي بين أفراد المجموعة بأنهم متميزون عن سائر الذين يعيشون فيه، وتمت تغذية هذا الوعي بالطموحات السياسية، فإن الجماعة العرقية تصير قومية عرقية، وتصبح نشيطة سياسيا وتتجه إلى الاعتزاز بتاريخها وتراثها، وتتمسك بخصوصيتها الثقافية في مواجهة السلطات الحاكمة، ومن ذلك مثلا تمسك البربر في الجزائر بلغتهم الأمازيغية، وممارستهم ضغوطا على النظام السياسي للاعتراف بلغتهم كإحدى اللغات الرسمية في البلاد، والسماح باستخدامها في المؤسسات التعليمية.
وتزداد الصراعات العرقية إذا ما صاحبها اختلاف في الديانة بين الأطراف، فالنزاع الأذربيجاني- الأرميني مثلا، من النزاعات الحادة المعقدة لأنه يحدث بين قوميتين مختلفتين عرقيا ودينيا، فالأذريون مسلمون والأرمن مسيحيون، والصراع المسلح الذي يعود إلى أواخر ستينات القرن الماضي في الفلبين بين القوات الحكومية ومسلمي «مندناو» الذين تمثلهم جبهة مورو الإسلامية للتحرير، وجبهة مورو الوطنية للتحرير يعد مثالا واضحا للنزاعات القائمة على أسس عرقية ودينية معا، ولقد كان لمثل هذا الصراع الإثني نتائج جيوستاتيكية في بعض مناطق التوتر، حث انقسمت الجزيرة القبرصية مثلا إلى شطرين منفصلين: الشطر القبرصي اليوناني والقبرصي التركي، فيما لاتزال الخارطة العالمية تشهد المزيد من الاعتزازات على هامش تلك الصراعات المستندة إلى تمايزات عرقية متنوعة
أسباب الصراعات العرقية فى افريقيا....
إن أفريقيا كما هو معلوم تعد قارة التعدد والتنوع، تنوع لا ينتهي في عالم الأشياء وحقائق الواقع المعاش، يقابله تنوع لا ينتهي في عالم الأفكار والآراء ، وقد تختلف نظرة الدولة الأفريقية الحديثة لهذا الواقع التعددي من حيث قبولها إياه وإضفاء الشرعية عليه وإقراره، أو من حيث رفضه وعدم الاعتراف به كحقيقة هيكلية يتميز بها المجتمع، ومحاولتها تجاوز هذا الواقع، وبسط رؤيتها المركزية. ولا يخفى أن الواقع الأفريقي الراهن يموج بالعديد من الهياكل والتنوعات الاجتماعية والثقافية والدينية والتاريخية ، فثمة فروق واضحة بين أفريقيا الناطقة بالعربية وأفريقيا جنوب الصحراء ، وحتى في إطار أفريقيا غير العربية هناك تمايزات بين مجموعة الدول الأنجلوفونية (الناطقة بالإنجليزية) والدول الفرنكفونية (الناطقة بالفرنسية) والدول اللوزفونية (الناطقة بالبرتغالية). كما تمتلك أفريقيا نحو (33%) من جملة اللغات الحية في العالم على الرغم من أن سكانها لا يتجاوزون بكثير نسبة (10%) من جملة سكان المعمورة ، وتوجد بأفريقيا كذلك كافة الأديان السماوية: الإسلام، والمسيحية، واليهودية، بالإضافة إلى الديانات التقليدية ، وباستثناءات محدودة فإن هذه الانقسامات والتنوعات قد انعكست بصورة، أو بأخرى على الوجود السياسي للدولة الأفريقية في مرحلة ما بعد الاستقلال. فقد أدت في بعض الحالات إلى حروب أهلية طاحنة ، كما هو الحال بالنسبة لأزمة (بيافرا) في نيجيريا عام 1967م والتي استمرت نحو ثلاثين شهراً ، والحرب الأهلية في جنوب السودان، وأعمال التمرد والعصيان التي شهدتها كثير من الدول الأفريقية الأخرى مثل: رواندا، وبوروندي، وأنجولا، وموزمبيق.