حلاقة شعر الاطفال ، في عادات و طقوس شعوب الصحراء ؟

هذه الحلاقة الفريدة للأطفال في المجتمع التباوي تسمى فى اللغة التباوية ،"" ياكوتوا تبي""" وهى نوع خاص من الحلاقة يقوم بها الاهل لحلاقة شعر طفلهم من الذكور ، ويحلق كل شعر الطفل مع ترك خط من الشعر من فروة الرأس الى مؤخرته ( كما فى الصورة ) ، وتحلق في سن بعينها فقط ، حيث لا نشاهدها عندما يكبر الطفل فى العمر ؟

هذه الحلاقة الفريدة عرفت حتى عند مجتمع الامازيغ ومجتمع الطوارق ،فهل هذه الحلاقة تعكس فلسفة ، أو اعتقاد ولها علاقة بالعادات والتقاليد مند غابر الازمان لذى هذه المجتمعات الصحراوية ، وان كانت كذلك ، فما هو الاعتقاد الذي يعكسه؟

مجتمع الامازيغ وحلق الرؤوس؟

ورد على لسان ابن خلدون ان الامازيغ هم"محلقي الرؤوس ولابسي البرنوس واكلي الكسكس"؟

وظاهرة تحليق الرؤوس ترجع عند الامازيغ الى ما قبل الديانات السماوية، الى ديانتهم وفلسفتهم الاولى l'animisme. وتعتبر هذه الديانة ان الإلاه يتجسد في كل خلقه، لذالك وجب احترام كل عناصر الطبيعة وتقديسها. وكانت هناك طقوس كثيرة تعبر عن احترام الماء والشجر والطيور وحتى الحجر لانها كلها حية ولها روح الاهية، بحيث كان يقال:"اذا جلست فوق حجرة، فاطلب منها السماح حينما تنهض منها"...

الطقوس الكثيرة المرتبطة بتحليق الشعر عند الامازيغ كانت ساءدة الى حدود الستينات. وتبدأ بطقس التحليقة الاولى عند الاطفال، وهي طقس مروريrite de passage، حيث يؤرخ الى خروج الرضيع من فترة الرضاعة ودخوله الى الطفولة الأولى. ومن بين وصفات هذا الطقس، اضافة إلى اكلات واغاني خاصة بذالك، ان شعر الطفل يرمى على شاة او معزة او بقرة ، وتكون هي وكل مواليدها اللاحقين في ملك الطفل، يتصرف فيها بحرية حينما يكبر.

ثم تاتي التحليقة الثانية في نهاية الطفولة الاولى، والتحليقة الثالثة التي تتم عندما يبلغ الطفل العاشرة، وهي طقس مروري يؤرخ لخروج الطفل من الطفولة الثانية ودخوله الى سن المراهقة او البلوغ...

هذه الديانة وفي نفس الوقت فلسفة لا زلنا نجد مؤشرات بقاياها في البوادي وحتى المدن...

وللذكر، كل التحليقات يتم فيها حلق شعر الرأس وترك طرف منه يسمى تحطوث tihittut او تشوث ticcut...وتبقى هذه الاخيرة عند بعض القبائل حتى الموت...وحسب المناطق، هناك من يتركها في الجانب الايمن من الرأس

وكان هذا حالي انا، وهناك من يتركها في الجانب الايسر، وهناك من كان يتركها في وسط خلف الراس...

ربما ان حلق الرأس بشكل كامل هو ما حرمه الفقهاء الاواءل كما حرموا الوشم ولاشياء اخرى من التراث الأمازيغي التي اعتبروها من بقايا الوطنية دون دراستها ولهم عمقها الديني والفلسفي ...اذا حلق الرأس وترك جزء صغير منه حتى يبلغ عشرات السنتمترات او اكثر عند البعض، تقليد يرجع إلى ما قبل وصول الديانة الاسلامية الى المغرب، ويرتبط باعتقاد معين لا يتسع الوقت لاعطاء المزيد عنه، لكن يمكن اعتباره فكر ايكولوجي لانه لا يختلف عن فكر حماة الطبيعة

علي أنر باحث في الثقافة التباوية