تاريخ انتهاء الصلاحية لا شأن له بصلاحية طعامك

safe_image.jpg

في سيناريو مألوف، تقف أمام ثلاجتك وتُمسك علبة اللبن التي تحتفظ بها في الرف أمامك؛ تقرأ تاريخ الصلاحية المُنتهي المطبوع على غطائها، فتقوم بفتحها لتتفحص رائحتها وتجدها طبيعية. يبدو أنه مشهد روتيني يستطيع أغلبنا استحضاره بمجرد الحديث عنه. يعتاد الجميع اتباع خدعة الوقوف أمام أرفف الأسواق أثناء التبضع واختيار المنتجات التي تختبئ خلف منتجات الواجهة لعلمنا بأن تاريخ إنتاجها أحدث، وتاريخ انتهاء صلاحيتها أطول. ماذا لو علمت أن هذه التواريخ لا تلعب أي دور في صلاحية المنتج الذي بين يديك! ولا تتحكم بموعد فساده أساسا، وإنما كُتبت لأغراض أخرى بعيدة تماما عن صلاحية الطعام.

 

هذا صحيح، إحدى المعلومات المغلوطة المنتشرة بيننا هي أن تاريخ الصلاحية الذي يُطبع على الملصقات الخارجية للأغلفة التي تُغلف طعامنا، أو المختومة على قاعدة المُعلبات، هي تواريخ مَعنية بشكل رئيسي بسلامة طعامك أو قربه من الفساد. ولكن الحقيقة أن هذه التواريخ تدفعك لرمي طعامك في سلة المهملات دون أن يكون قد فسد فعلا، باستثناء طعام الأطفال وبعض العقاقير الطبيعية فأنت -حقا- تتخلص من طعام صالح للأكل. 


لا بأس إن كُنت من ضمن الـ 45% من المُستهلكين الذين يعتقدون أن انقضاء هذه التواريخ يجعل الطعام غير آمن للأكل. تقول ديان جافيلي، أخصائية تغذية إكلينيكية في جامعة واشنطن: "هذه التواريخ وُضعت من قِبل الشركات المُصنعة، وتعني أن بيع هذه المنتجات سيكون أفضل خلال هذه التواريخ؛ وبالأخص تعني العمر الافتراضي للمنتج كنكهة ولون، وهو يستند إلى رأيهم الشخصي وليس إلى معيار أمان محدد!".

علما أن دائرة الغذاء والدواء لا تتطلب أي تواريخ سلامة أو أمان على أي منتج غذائي باستثناء حليب الأطفال. وتُضيف بريندا واتسون، المديرة التنفيذية للشراكة الكندية للتثقيف في مجال سلامة الأغذية الاستهلاكية: "هذه التواريخ هي مُجرد وعود من الشركات المُصنعة للمستهلك؛ تُفيد بأن جودة التغليف والتعبئة والمنتج داخلها ستكون في أعلى مستوياتها ضمن الفترة الممتدة بين تاريخ الإنتاج وتاريخ الانتهاء". [1] [2]
   

بالنظر إلى الولايات المُتحدة الأميركية لوحدها، فإن الأميركيين يُهدرون ما يُقارب 30% إلى 40% من الإمدادات الغذائية الأميركية! وهو ما يكفي لإطعام 730 ملعب كرة قدم مليء بالمشجعين سنويا! وذات الأمر في بريطانيا؛ حيث تُقدر كمية الغذاء الذي يُهدر ويتحول إلى نفايات نحو مليوني طن. إن عملية إهدار الطعام التي يلعب مُلصق التاريخ دور البطولة بها تشمل المستهلكين والبائعين أيضا. فعندما سُئل أحد البائعين في المحال التجارية عن إمكانية التبرع بالمنتجات التي تنتهي صلاحيتها عوضا عن رميها، قال إن المحال التجارية لا تستطيع تحمل مسؤولية أن يُصاب أحدهم بمرض جراء تناوله لمنتج انتهت صلاحيته! بالرغم من أن المنتج لم تنتهِ صلاحيته فعلا، ولا يوجد أي قوانين يُحمل المتبرع مسؤولية تبعات تبرعه! [3]

 

في تجربة قامت بها مُقدمة برنامج "CBC Marketplace" لكشف حقائق هذه التواريخ بالاستعانة بأخصائي في علم الأحياء الدقيقة لتوضيح ما الذي يمكن أن يحدث لو قمنا باستهلاك المواد التي انتهت صلاحيتها وفقا للتاريخ المُلصق على أغلفتها. قامت بجلب بعض المقرمشات التي انتهت صلاحيتها -كما هو مطبوع- منذ سنة. وما إن قام الأخصائي بفحصها حتى أكّد أنها صالحة للأكل والاستهلاك، إلا أن طعمها تغير وجودتها اختلفت، ولكنها آمنة تماما. وهذا تماما ما أكده "Dr. Oz" في برنامجه عبر استعراض العديد من المنتجات المنتهية الصلاحية ولكنها قابلة للأكل دون ضرر حتى بعد سنوات من انتهائها؛ وأكد قائلا: "نحن نتخلص من كمية كبيرة من الطعام القابل للأكل، العديد من الأغذية المنتهية الصلاحية يمكن استهلاكها إذا خُزّنت بطريقة سليمة". [4] [5]
  


متى تنتهي صلاحية طعامك فعلا؟ إذا وضعنا الملصقات وتواريخها جانبا، فما زلنا بحاجة إلى أن نعرف متى يُصبح الطعام غير آمن للاستهلاك. من الضروري الانتباه دوما إلى المكونات القابلة للتلف، يحدث التلف عادة نتيجة سوء التخزين؛ سواء تخزينها في مستودعات المحال التجارية، أو تخزينها في البيت. قد تتعثر عملية نقل البضائع أحيانا، أو تتعرض لدرجة حرارة لا تناسبها أثناء التخزين. كل هذا من شأنه أن يُقصر العمر الافتراضي المطبوع على هذه المُلصقات. هنالك بعض الإشارات البصرية التي تدلك على أن المنتج قد تعرض للتلف ولم يعد صالحا للاستهلاك حتى وإن كان ضمن فجوة تاريخ الصلاحية. كاستشعارها بالحواس، أن يكون سيئ الرائحة، أن تصبح الفواكه أو الخضار طرية، أن تظهر بعض الحبوب على سطحها. أما بالنسبة للحوم غير المطبوخة، فبمجرد أن تصبح لزجة فهي غير آمنة للاستهلاك إطلاقا. [6] [7] [8]       

 

في كتاب "the F-Factor Diet" تقول أخصائية التغذية تانيا زوكربروت إن وعي المستهلك ضروري جدا في فهم هذه التواريخ، وأن البكتيريا ستجد دوما مكانا مناسبا للنمو. الألبان -تقريبا- يُفضل الالتزام بالتواريخ المطبوعة عليها، ولكن إن كانت ملاحظتنا البصرية سليمة كاللون والرائحة فإنها صالحة لمدة 4-5 أيام بعد انتهاء صلاحيتها -وفقا للتاريخ المطبوع-. أما بالنسبة للحوم فتقول بأن تخزينها في الثلاجة لأسبوع ومن ثم يمكن نقلها لمجمدة الطعام والاحتفاظ بها لـ 8 أشهر صالحة للأكل. كما أرفقت ملاحظة بالنسبة للمعلبات التي تمتاز بتواريخ طويلة تمتد لسنتين أو ثلاثة وقالت بوضوح إن هذه التواريخ معنية في حالة عدم استخدام المنتج، ولكن تتقلص هذه المدة لأسبوعين -كحد أقصى- لحظة فتحه. وبالتأكيد بعض المنتجات يتم تقدير عمرها الافتراضي بشكل دقيق ولا يُنصح باستهلاكها بعد انقضاء التاريخ، مثل: الأجبان القابلة للدهن. [9] [10]

  


  

كيف تضمن تخزينا آمنا؟

 يقع على عاتق التخزين كل الصلاحية، بعض الأصناف تتلف بسبب تخزينها الخاطئ. هنالك عدة ملاحظات بسيطة تُساعد المُستهلك على توفير بيئة آمنة للأطعمة التي يتم تخزينها في الثلاجة أو مجمدة الطعام (الفريزر - Freezer). وهنالك أيضا بعض الأصناف التي شاع تخزينها في أرفف المطبخ إلا أن مكانها الصحيح هو الثلاجة، يُذكر منها: المكسرات، الحبوب. وتُعد درجة برودة الثلاجة عاملا مهما في الحفاظ على الأطعمة. قد يبدو هذا بديهيا، ولكن درجة الحرارة المنخفضة جدا تُجمد الطعام، وهو ما يحوّل الثلاجة إلى مجمدة قد تفسد الخضار والفواكه المليئة بالسوائل. ودرجة الحرارة المرتفعة ستجعل من الثلاجة مكانا يرحب بتكاثر البكتيريا. من المهم ضبط الثلاجة بدرجة برودة متوسطة.