منقول عن الاستاذ ابراهيم عمر الدباشي : -
ماذا يحدث في الجنوب؟
هل توقف التآمر الاستعماري بفضح المخطط الذي تقوده منظمة اراباتشي برعاية وزارة الخارجية الإيطالية؟
هل أقفلت التحقيقات التي قام بها النائب العام باب تورط مسؤولي الصدفة في انتهاك سيادة بلادنا؟
هل سيعود مهجري مرزق قريبًا إلى بيوتهم مكرّمين معزّزين في أول خطوة من خطوات إعادة الإعمار؟
هل استوعبت السلطات المدنية والعسكرية في شطري البلاد الدرس ورفعت مستوى اليقظة لإفشال المخططات الاستعمارية والتصدي لشبكة العملاء الذين يعملون ضد مصلحة البلاد بعلم أو بدون علم؟
متى يدرك مسؤلونا أن استقرار ورفاهية سكان المدن والقرى القريبة من حدودنا أهم لوجودنا ومستقبلنا من رفاهية السكان في مدننا الكبرى؟
الإجابات على هذه الأسئلة قد تكون غير مريحة إن لم تكن مزعجة.
صحيح أن منظمة اراباتشي اختفت من الواجهة، واختفى معها مسؤلون متورطون من أعلى هرم السلطة على مستوى الدولة والبلديات، ولكن يبدو أن المخطط مستمر وسينفذ بآليات جديدة.
توقيع اتفاق بين صندوق إعادة إعمار مرزق وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لدعم تشغيل الصندوق حسب قولهم لا مبرر له وليس سوى طريقة لفتح الباب أمام عودة أدوات الدول الاستعمارية إلى الجنوب الليبي من النافذة بعد أن اعتقدنا أننا قفلنا أمامها الباب بعد فضيحة منظمة اراباتشي.
هذا الإتفاق الذي، لم تُنشر بنوده، على الأرجح سيحول برنامج الأمم المتحدة الانمائي إلى مجرد مظلة ينفّذ تحتها المخطط الاستعماري لتوطين المهاجرين في ليبيا وتعميق ازمتها الاجتماعية بواسطة أموال يزعم انها اموال تبرعات ومنظمات غير حكومية مشبوهة لسنا في حاجة اليها.
الأجهزة الأمنية الليبية وبعض الوطنيين في الوزارات المعنية يدركون أن برنامج الأمم المتحدة الانمائي ومنظمة الهجرة الدولية والمفوضية العليا للاجئين ومدارس تعليم اللغة الانجليزية يعملون بالتنسيق مع بعض البعثات الدبلوماسية الأجنبية، وأصبحوا في السنوات الأخيرة غطاءً لدخول عملاء المخابرات الأجنبية بالعشرات إلى ليبيا بتأشيرات دبلوماسية وتاشيرات رجال أعمال حصلوا عليها بالتحايل.
مساعدة وزير الخارجية الأمريكي آن ويتكوسكي صرحت منذ أيام أن تركيز بلادها مؤخرًا كان في الجنوب الليبي، لأنها تعتقد أن بامكانها أن تقيم شراكات مهمة في تلك المنطقة. ولا شك ان ذلك أمر طبيعي بالنسبة للعمل الاستخباراتي لأن الجنوب بعيد عن تركيز الرأي العام الليبي والأجهزة الأمنية، وإقامة الشراكات أو بعبارة أوضح استقطاب المغفلين وتجنيد الأجانب أمر سهل في مكان تنعدم فيه السلطة الوطنية وينخفض فيه مستوى المعيشة وفرص العمل المربح.
التدخل الإيطالي والفرنسي في الجنوب وبعض المناطق الحساسة واضح ولا يحتاج إلى دليل، والإتحاد الأوربي يسعى لإدخال بعثة (يوبام) في المخطط بصورة أنشط على أساس أن التوطين أسهل وأقل تكلفة من مراقبة الحدود ومنع المهاجرين من الوصول إلى أوربا.
هذه البعثة موجودة في ليبيا منذ سنوات بزعم دعمنا في السيطرة على الحدود، ولكنها لم تقدم لنا شيئًا يذكر إلا الكلام رغم أننا نقوم بحراسة شواطيء أوربا بكل إخلاص.
لو كان الأوربيون جادين في مساعدتنا على ضبط حدودنا لقدموا لنا عشرات القوارب العسكرية السريعة ذات التقنيات المتقدمة لحراسة حدودنا البحرية ومياهنا الاقليمية، ولكنهم يدركون ان ذلك سيتسبب في منعهم من سرقة ثرواتنا البحرية الحية في منطقتنا الاقتصادية الخالصة التي تجوبها قوارب الصيد الاوربية تحت حماية اساطيلها المتواجدة فيها على مدار الساعة بحجة منع تهريب الأسلحة الى ليبيا. كان بامكانهم ايضًا مساعدتنا في اقامة منظومة مراقبة لحدودنا البرية بالطيران المسير الذي لا بديل عنه في منطقة حدودية صحراوية شاسعة، ولكن هذه المطالب المشروعة بالحصول على مساعدات جادة لا تُطرح لا من المسؤولين الليبيين ولا الأوربيين واستمر الضغط علينا لنحرس شواطئهم دون مقابل وكأننا عبيد لهم.
صندوق إعادة إعمار مرزق ومدن الجنوب يجب أن يكون له مجلس إدارة مهني وقادر على العمل، ويكون برنامجه التنفيذي واضح وأولوياته محددة ومتفق عليها مع السكان المعنيين وفق جدول زمني محدد، وأن يبدأ بجبر الضرر وصيانة وإعادة بناء مساكن المهجرين وضمان عودتهم الآمنة تحت رعاية سلطات أمنية قوية. وليس في هذا العمل ما يحتاج إلى مساعدة المنظمات والدول الأجنبية. هناك فقط حاجة إلى التنسيق بين السلطة القادرة على توفير الأمن والسلطة التي بيدها توفير الأموال.