كلاهانى…

الوقاية خير من العلاج.. لكن أية وقاية؟ وضدّ أية فيروسات؟ منقول.. لا يســـعُ المرء وهو يتابع استهتار كثير من الليبيين من التحذيرات والومضات الإعلانية ومقاطع الفيديو المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي الرسمية وغير الرسمية، إلا أن يُصدَم بمستوى الوعي الصحي الذي نراه اليوم!!.. في الوقت الذي يستنفر فيه العالم ويحوّل كبريات العواصم الغربية إلى مدن أشباح.. وفي الوقت الذي أقفرت فيه ساحات وميادين ومجمعات التسوّق وأشهر شوارع وبورصات وأسواق العالم المتقدم.. وأغلقت الجامعات والمدارس أبوابها.. ومنحت الشركات العملاقة والمصانع والوحدات الإنتاجية التي توزع منتجاتها عبر العالم عمالها إجازات عرضية، وسمحت لكثير من موظفيها بالعمل من منازلهم تفاديا للاكتظاظ، كجزء من تدابير إنقاذية طارئة وصارمة لمنع مزيد انتشار الفيروس الخبيث.. في هذه الظروف نرى الليبيين يتصرفون بكثير من اللامبالاة والتهوين من شأن الخطر الداهم.. لا أعلم الباعث الرئيسي لاطمئنانهم على هذا النحو.. ولكنني متأكد انه ليس نابعا من علم ولا من إيمان على أي حال.. فالعلم يؤكد خطورة الظاهرة ويشدد على سرعة انتقالها.. والإيمان يتنافى وسلوك التفريط وينهى بشدة عن إيذاء النفس، بل ويجرّم إيذاء الغير.. فما الذي نحن بصدد فعله؟ ولماذا نصرّ على مزيد تخريب بلدنا وأجيالنا وإيذاء أحبّتِنا؟ لا أنكر أن الإهمال والاستهتار والعناد خصال مذمومة لا يتصف بها الليبيون لوحدهم.. ففي بلدان مجاورة يوجد أضعاف ما لدينا من إهمال، لكنهم لم يجنوا حصاد الإهمال بعد، ولا نتمنى السوء لأحد.. لكننا اليوم أمام دروس مروّعة وقاسية، ونتائج متوقعة تثبتها التجارب لكل مسار نختاره في التعاطي مع هذه الأزمة.. فالآلاف يتساقطون كالذباب في إيران لأنهم قد أهدروا الوقت وفوّتوا فرصة ملازمة البيوت.. والحصيلة ترتفع في إيطاليا على نحو دراماتيكي أيضا بسبب التقليل من شأن الفيروس والسباحة ضدّ تيار العلم والوعي السوي وتحويل التحذيرات والتعليمات الرسمية إلى نكتٍ ونوادِر.. فكيف سيكون الأمر ببلدنا وهو بالحال التي نعرف فيما لو تفشى هذا الوباء لا قدّر الله؟ وهل صدّقنا بالفعل أن كورونا ما يزال بعيدا عن ليبيا.