ليبيا – أكدت وزارة الخارجية الأمريكية ، في تقريرها السنوي عن الاتجار بالبشر الصادر اليوم الجمعة أن الجماعات المسلحة ومسؤولي حكومة الوفاق الوطني ، ممثلة برئيس الوزراء فايز السراج ، تتعاون مع الشبكات الإجرامية في مجال الهجرة غير الشرعية مستشهدة بحالات متعددة عن تورط الحكومة في هذا الصدد .
ويبدوا من خلال هذا التقرير بأن حكومة الوفاق ورغم الملايين التي أنفقتها على عقود شركات العلاقات العامة في الولايات المتحدة والإجتماعات التي دأب على عقدها ” اللوبي الليبي – الأمريكي – الإخواني ” بقيادة العضو في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين عصام عميش مع أعضاء ولجنان فرعية في الكونغرس لم تأتي بأي نتيجة لتحسين صورتها في دوائر القرار الأمريكي ، ويبدوا بوضوح مدى سوء صورتها السوداوية من هذا التقرير الرسمي الذي يمثل وثيقة رسمية صادرة عن أهم وزارة أمريكية سيادية على الإطلاق .
وفي الجزء المطول المتعلق بليبيا والذي تابعته وترجمته صحيفة المرصد من الإنجليزية للعربية قالت الخارجية الأمريكية أن هذا التعاون يساهم في إزدهار نشاطات الاتجار بالبشر.
وأكدت وزارة الخارجية أن ارتفاع معدل الفساد في حكومة الوفاق وعدم وجود سيطرة حقيقية للسراج على الجماعات المسلحة التابعة لوزاراته ، حال دون مواجهة ظاهرة الاتجار بالبشر بالشكل المطلوب.
وذكر التقرير أنه في مراكز احتجاز المهاجرين ، التي تديرها سلطات مكافحة الهجرة غير الشرعية أو تلك التي تسيطر عليها ” ميليشيات المجلس الرئاسي ” كانت هناك انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ضد المهاجرين.
وأشار التقرير إلى فشل حكومة الوفاق في السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي الليبية ، لأنها لم تمارس سيطرتها في عدة أجزاء من البلاد مع تعطل النظام القضائي وعدم عمله بشكل كامل وكذلك المحاكم في المدن الكبرى .
وترى الخارجية الأمريكية أن المليشيات المسلحة الخارجة عن القانون إستمرت في ملء الفراغ الأمني تحت مسميات متعددة وارتكبت أيضًا انتهاكات لحقوق الإنسان ، بما في ذلك القتل غير القانوني.
وخلال السنة المشمولة بالتقرير ، كانت هناك تقارير عن شبكات إجرامية مرتبطة بالمسؤولين الحكوميين تناولت أوضاع اللاجئين وطالبي اللجوء وتعرضهم للعبودية والإنتهاكات الجنسية وأعمال السخرة ( العمل بالإجبار ) .
ساهم الفساد المستشري في الحكومة ونفوذ الميليشيات على الوزارات الحكومية في عجز الجهات العامة الوطنية عن التصدي للاتجار بالبشر بصورة فاعلة ،هكذا ترى الخارجية الأمريكية حكومة الوفاق وضعها الداخلي في طرابلس .
وتؤكد الولايات المتحدة في هذا التقرير مجدداً بأن النظام القضائي الجنائي الليبي لم يعمل بشكل كامل في عام 2018. ولم تكن وزارة الداخلية بحكومة الوفاق ، التي كانت مسؤولةً اسمياً عن جهود إنفاذ القانون لمكافحة الاتجار بالبشر ، قادرة على تنفيذ أي عمليات لمكافحة الاتجار بالبشر خلال الفترة المشمولة بالتقرير.
ولم تكن قوات الشرطة الليبية التابعة لها مزودة بالموظفين أو التمويل الكافي وفي أواخر عام 2018 ، شكلت وزارة الداخلية مكتبًا لحقوق الإنسان ، مُنح سلطة الاعتقال ومسؤولية التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان ، بما في ذلك جرائم الاتجار بالبشر ، التي يرتكبها ضباط الشرطة التابعين لها.
ولتحسين القدرة على إنفاذ القانون ، تحصلت الوفاق بالشراكة مع المنظمات الدولية على تدريب على مكافحة الاتجار بالبشر لعدة مئات من ضباط الشرطة في طرابلس في ديسمبر 2018. ولم تعلن وزارة العدل عن إحصائيات حول المقاضاة أو الإدانات لمجرمي الاتجار بالبشر ، بما في ذلك المسؤولين الحكوميين الذين يزعم أنهم متواطئون في جرائم الاتجار أو الميليشيات المتحالفة مع الحكومة وغيرها من الجماعات المسلحة التي جندت واستخدمت الأطفال.
وكشفت الخارجية الأمريكية عن تواطؤ كبير بين المسؤولين الحكوميين الضالعين في عمليات الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين ، بما في ذلك مسؤولو خفر السواحل الليبيون وضباط الهجرة ومسؤولو الأمن ومسؤولو وزارة الدفاع وأعضاء الجماعات المسلحة المدمجة رسمياً في مؤسسات الدولة ، وكذلك مسؤولون بوزارة الداخلية وأجهزة مكافحة الهجرة غير الشرعية.
كما أكدت الوزارة أن مسؤولي سجن وحراس معسكرات الاحتجاز التابعة لحكومة الوفاق أجبروا المهاجرين واللاجئين المحتجزين على العمل في مراكز الاحتجاز التي يديرها جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية وفي المزارع ومواقع البناء.
يضيف التقرير : ” وفقاً لمنظمات دولية ، فإن قوة الردع الخاصة ، التي تعمل اسمياً بموجب وزارة الداخلية ، كانت متورطة في الاتجار بالمهاجرين المحتجزين واستفادت من مدفوعات الابتزاز التي أرسلها أفراد أسر المهاجرين عبر حوالات من دولهم للإفراج عنهم ” .
بالإضافة إلى ذلك خلال الفترة المشمولة بالتقرير ، واصلت وزارة الدفاع بحكومة الوفاق تشغيل وحدة مكافحة الهجرة غير القانونية مع انتماء قوي إلى واحدة من الجماعتين المسلحتين المتورطين في تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر في شمال غرب ليبيا ووفقاً للتقرير فقد سمح هذا الغطاء للجماعات المسلحة بتحويل أنشطتها باستمرار من ارتكاب جرائم التهريب والاتجار ، إلى مراقبة الشرطة للحكومة! .
وفي يونيو 2018 فرضت الأمم المتحدة والولايات المتحدة عقوبات على قائد بارز في خفر السواحل الليبية في مدينة الزاوية ( عبدالرحمن الميلادي – البيدجا القائد الميداني الحالي بقوات الوفاق في طرابلس ) وزعيم ميليشيا أخرى أدارت مركز احتجاز المهاجرين الذي تسيطر عليه حكومة الوفاق ، بسبب تورطه في تهريب البشر وتهريب المهاجرين.
وتقول الخارجية الأمريكية أن حكومة الوفاق أقالت مسؤول خفر السواحل هذا من منصبه ، لكنها لم تشرع في إجراء مزيد من التحقيقات أو مقاضاة أي من المسؤولين عن هذه الادعاءات.
يضيف : ” لم يكن لدى الحكومة أي هياكل سياسية أو قدرة مؤسسية أو موارد لتحديد وحماية ضحايا الاتجار بشكل استباقي بين الفئات الضعيفة ، مثل المهاجرين الأجانب واللاجئين وطالبي اللجوء والنساء والفتيات اللواتي أُستخدمن في الدعارة والأطفال ضحايا الاعتداء الجنسي بما فيه تجنيدهم واستخدامهم من قبل الجماعات المسلحة كما لم توفر الحكومة وضع الإقامة الدائمة أو المؤقتة لضحايا الاتجار ” .
أيضاً ، تؤكد الخارجية الأمريكية وقوع النساء المهاجرات كضحايا الاتجار وغيره من الجرائم من مضايقات جنسية ومعاملة اعتداء مهينة من قبل معظم المسؤولين عن إنفاذ القانون والموظفين القضائيين في ليبيا.
استمرت الحكومة في تشغيل مراكز لإعادة تأهيل النساء المهاجرات اللواتي عملن في الدعارة وضحايا الاتجار بالجنس وغيره من أشكال الاعتداء الجنسي ؛ ومع ذلك ، ورد أن هذه المراكز تعمل كسجون فعلية ، وقام المراقبون الدوليون بتوثيق حوادث سوء المعاملة في هذه المراكز ، يقول التقرير .
يتابع : ” تقوم الحكومة بانتظام بالقبض واحتجاز ومعاقبة الضحايا بسبب أعمالهم غير القانونية التي أجبرهم بها المهربون على ارتكابها ، مثل انتهاكات الهجرة والبغاء وتدير مكافحة الهجرة أكثر من 20 مركز احتجاز رسمي حيث احتجزت بشكل تعسفي وإلى أجل غير مسمى حوالي 5000 من الذكور والإناث والأطفال المهاجرين خلال الفترة المشمولة بالتقرير ” .
وانخفض ، بحسب التقرير ، عدد المهاجرين في مراكز الاحتجاز انخفاضًا كبيرًا من 20000 محتجز مهاجر تم الإبلاغ عنهم في نهاية عام 2017 بسبب الجهود المتضافرة التي بذلتها المنظمات الدولية والدول المانحة لإعادة المهاجرين طوعاً إلى أوطانهم طوال عام 2018 ومع ذلك ، عانت مرافق الاحتجاز هذه من الاكتظاظ الشديد ، ونقص البنية التحتية الأساسية ، ومشاكل الصرف الصحي القاسية ، ونقص الغذاء.
ولم يتمكن المهاجرون المحتجزون – بمن فيهم ضحايا الاتجار – من الحصول على الرعاية الطبية والمساعدة القانونية وغيرها من أشكال خدمات الحماية و تعرض حراس الهجرة غير الشرعية للمحتجزين بسوء المعاملة الشديدة والعمل القسري والقتل غير المشروع والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي.
ولم تستخدم أي مراكز احتجاز التابعة لحكومة الوفاق حراسًا من النساء ، باستثناء مركز اعتقال طريق السكة ، حيث عين في يناير 2018 عددًا غير معروف من الموظفات للعناية بقسم المركز المخصص للنساء والأطفال المهاجرين.
ونوه التقرير لإستمرار سياسة الإفلات من العقاب على العنف الجنسي ، وغياب الضمانات في هذه المراكز ماخلق بيئة كانت فيها النساء والفتيات المحتجزات معرضات بدرجة