عندما يسألك احد ما سؤالا لا تملك اجابته, فانك تهرع مباشرتا الى الانترنت للبحث عنه ومعرفة اجابته ؟ ومن خلال حصولك على الاجابة والتى لا تعرف مصدرها ولا تملك دليل على صحتها من عدمها سوف ترضى غرورك المعرفى وتدعى المعرفة ...وهنا قد تقع فى المحظور وهو ما يسمى بوهم المعرفة.
السؤال ..كيف تأكدت من ان المعلومة التى تناولتها هى معلومة صحيحة , وخاصة ان الانترنت هو عالم افتراضى يلقى فيه كل منا ما يشاء وكيف يشاء ومتى يشاء ؟ وانت لا تملك اى معلومة عن هذا الموضوع الذى تبحث عنه ؟
إن سهولة الوصول إلى المعلومات عن طريق الإنترنت وزيادة اعتماد البشر عليها أديا إلى عدم تفعيل العقل وإفقار المنظومة المعرفية المجتمعية بسبب «الفردانية» وانعدام الاتصال المنتج والهادف.
من الصعب أن نعترف بأننا نعيش الوهم من خلال اعتقادنا بأن المعلومات المستقاة من الإنترنت هي امتداد طبيعي لما نملكه من معرفة وهو ما جعلنا نعتبر أنفسنا عباقرة لنضخم من حجم قدراتنا ومكتسباتنا، ثم نعمي عيوننا عن الخط الفاصل بين ما هو موجود فعلاً داخل أدمغتنا وما نستطيع الوصول إليه عن طريق الإنترنت. هذا الخلط الفظيع بين أدواتنا الإدراكية الشخصية والإنترنت يزيد من ثقتنا بالذات وفق مفهوم خاطئ ويوقفنا عن تمرين الذاكرة والاستعاضة عنه باستقبال معلومات كثيرة، ذلك أن الاستقبال دون البحث الحقيقي يقدم لنا وهم الحكمة، وليس الحكمة الحقيقية.
إننا نفقد اليوم قدراتنا على التركيز والتأمل والتحليل، لا نستطيع التفكير في أمر محدد، وقليل منا يعلم أهمية نقل المعلومات إلى الذاكرة طويلة المدى للاستفادة منها في حين أن ما تقدمه تكنولوجيات عصرنا الحالي هو معلومات مشتتة لا تتعدى ذاكرتنا قصيرة المدى وهو ما يمنعنا من الاستفادة منها ويزيد من آفة العلم «النسيان» حتى أصبحنا سطحيين متوهمين...
وهم المعرفة اخطر من الجهل لان الجهل قد ينتهى بالعلم اذا اتبعنا الطريق القويم الذى يؤدى للعلم , ولكن وهم المعرفة هو انسان يدعى المعرف وهو يجهلها ولا يعترف انه واهم بمعرفته..