قصة " من البئر إلى العرش "…. لم تكن عابرة بل 40 عاما من ضمن 120 عاما عاشها يوسف بين غيرة وحسد ، بين خطف وسجن ، بين سرقة وخيانة .
لكنه لم يتراجع ولم ييأس ولم يجزع ، بل كان رصيد الإيمان والصبر والثقة والإرادة هو الوصفة التي فرجت كربه ورفعت شأنه وحققت حلمه ..
بدأت بمحاولة قتله ورميه بالبئر وإبعاده عن أبيه ( الذي نراه بمحدودية وعينا أنه كارثة ) لكن الله يخبرنا بأنه الطريق لنقله ليتربى بالقصر ويبدأ رحلته الشاقة نحو الملك ، ثم السجن الذي ( نراه بعقلنا السطحي وإيماننا الضعيف بأنه سوء ونهاية ) لكن الله يؤكد لنا أن السجن كان الخلوة اللازمة لإعداد يوسف للمهمة العظيمة التي تنتظره بحكم مصر ، ثم تفسير الرؤيا لصاحبيه بالسجن بصدق بأن أحدهما يصلب والأخر ينجو ( الذي نراه بنظرتنا القاصرة أنه قسوة وصدمة ) لكن الله يخبرنا أن التفسير الصادق كان الخطوة التي جعلت السجين الذين نجا لإرشاد الملك ليوسف لتفسير رؤياه التي أفزعته عن السبع بقرات والسبع العجاف والسبع سنبلات .
لتنتهي قصة محاولة القتل وحسد الأخوة وألقاء البئر وتهمة التحرش وعقوبة السجن إلى براءته بإعتراف زوجة العزيز بذنبها ، وأعتراف أخوته وعودتهم له نادمين ، ولقائه أبيه وعودة البصر له ، والملك والحكم ..
زليخة التي راودت يوسف عن نفسه ، جاءت إليه بعد أن تولى عرش مصر ، فقالت له ( الحمد لله الذي جعل الملوك بمعصيتهم عبيداً ، وجعل العبيد بطاعتهم ملوكا ) ..
يقول محمد الكرباسي في ختام روايته " من البئر الى العرش " .. ( التهمة سلاح الضعيف ، الحسد داء القلوب ، قوة الرجل في صالح أولاده ، الغفلة عن الله ذل ، الجمال نعمة مفتونة ، صلاح الأمّة بالأمر بالمعروف ، من سعادة المرء الهجرة عند الضيق ، من راحة النفس توطينها على البلاء حين نزوله ، من تواضع لأبويه سما وارتفع ، من كتم سرّه أمن من عدوه ، من المعروف مداراة اليتيم ، تصدق على السائل ولو بالقليل ، كاد الحلم أن يكون وحياً ) .
والدرس .. الخيانة والتشويه والفقد والإيذاء والسجن ليست دلالة للنهاية ، بل هي فصول إبتلاء وإمتحان ، لبداية أخرى ، ونقلة أخرى من مكان لأخر أروع وأجمل ، لمن يعيها ( عبرة لأولى الألباب ) ..
.منقول