طريق الحق

قرأت لكم هذا المقال فتدبروه معى ...

====================

غاب موسى عليه السلام بالذهاب إلى ميقات ربه فمكث على الطور يناجي ربه ، فخرج رجل يقال له السامري ، وطلب من قومه الحلي وصاغ منه عجلاً وألقى فيه قبضة من التراب ، وترك فيه فتحات حتى عندما تدخل منها الريح تحدث صوتا مثل الخوار ، وقال لقوم موسى أن هذا هو رب موسى نساه هنا وذهب يبحث عنه ، فاتخذوه ألها لهم يعبدونه ، رغم علمهم بينهم وبين أنفسهم أنه باطل وضلال .

ولما رجع موسى عليه السلام إليهم ، وكانت معه ألواح التوراة ، وجدهم يعبدون العجل ، فألقى الألواح غضبا ، وبدأ يوبخهم على هذا الضلال من بعده ، فأصبحوا يعتذرون له عن فعلتهم ، ثم نظر إلى أخيه هارون عليه السلام غاضبا وقاله له لماذا لم تلحقني وتخبرني بما فعلوا ، مع أن هارون حاول معهم جاهدا لصدهم عن هذا الضلال لكنهم لم يستمعوا له .. ثم أخد موسى العجل فحرقه بالنار ورماه في البحر ..

نورد هذه القصة التي لم ترد في القرآن الكريم عبثا بل لأخذ العبرة .. لتأكيد في كل زمن هناك سامرى يستغل الفراغ ويخدع الناس بشعارات براقة ، وفي كل زمن هناك ضعاف الإيمان يتبعون الغي والضلال ، وفي كل زمن هناك قلة يثبتون على الحق حتى يصبحون في نظر العامة أنهم أغبياء ومتزمتين وجهلة ..

الفتنة معناها أن يفتن المرء ، أن يختلط عليه الأمر حتى يصعب رؤية الحق من الباطل ، فيسقط أصحاب العقد وضعاف الإيمان وأصحاب المصالح ومحدودي الوعي ، فالمشهد يغطي عليه السواد ، ويعتري تفاصيله الألم ، ويضيق أمامه الأفق ، وترمي الأزمات بثقلها .

في هذه الأجواء .. وبفعل فاعل ، يصبح الثابتون والمصلحون محل سخرية وتشويه لينفر الناس منهم ، ويصبح الضالين حولهم هالة جذب بالوعود والحلول التي تقدم تحت شعار الأمر الواقع ، وأسثتمار الموجود ، والسير خلف متصدري المشهد لتأمين العيش وبعض المكاسب ..

ونؤكد .. الحق له طريق واحد ، أما الباطل له ألف طريق ، والموقف له ضريبة باهضة من صبر وتضحية ، أما الأمر الواقع فهو سقوط لايحتاج أكثر من مبرر يسكت الضمير ، فما أحوجنا للتدبر ونكون كـ هارون من فئة ( غير المغضوب عليهم ) في ظل مانعيشه ، بدل أن نكون كـ اتباع السامرى من فئة ( الضالين ) ، وعلى قلوب أقفالها .. فالسامرى سينتهي ، والحقيقة ستظهر ، وشعارات الخديعة ستتلاشى ، والشمس ستسطع مهما كان الظلام حالكا .