هل تحمل زيارة الرئيس التشادي لفرنسا للمشاركة في القمة الفرنكوفونية، تحولا في العلاقة المتوترة

؟


منقول—

يشارك الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي في العاصمة الفرنسية باريس يومي الـ4 والـ5 من أكتوبر الجاري، في قمة المنظمة الدولية للفرنكوفونية. وتأتي الزيارة بعد فترة شهدت توترات دبلوماسية بين باريس وأنجمينا.

وكانت باريس قد لوحت بورقة تحقيق أولي في مزاعم عن مكاسب غير مشروعة ضد الرئيس محمد ديبي في شراء ملابس وبدلات فاخرة وفي ثراء عائلته، الأمر الذي جعل الغاء زيارته الماضية لحضور حفل الانطلاقة الرسمية للألعاب الألومبية في باريس.

وفي وقت تسعى فيه أنجمينا لتبني إستراتيجية جديدة مع تجنب قطع العلاقات الدبلوماسية مع باريس بشكل جذري، كما هي الحال مع دول الساحل الأخرى، إلا أن الجميع تفاجأ بإعلانه لزيارة باريس، ما جعل مراقبين يعتبرونها تحولا في العلاقة المتوترة.

التأثير الفرنسي:

في هذا السياق تظهر أهمية عودة العلاقات بين تشاد وفرنسا على طبيعتها بوضوح، إذ ضرورة الحوار بين الطرفين، ومع ذلك تتوجه بعض الآراء داخل البلاد وخارجها لإبراز الاختلافات بين فرنسا وتشاد، إذ يقول الصحفي والمحلل سياسي الأستاذ جبرين عيسى لـ”صحيفة شاري إنفو”، إن الزيارة تعتبر نقطة تحول في العلاقة بينهما، بعد توتر بين البلدين لما يقارب العامين. وأعتقد أن الدوافع ورآء ذلك هو إدراك كلا الحكومتيين أن من مصلحتهما التقارب وإعادة الأمور إلى نصابها.

وحول ما إذا كانت هناك ضغوطات على الرئيس ديبي للتوجه والعودة إلى حضن الحليف التقليدي وهي “باريس”، يؤكد عيسى أن ضغوطات فرنسية مورست على الرئيس التشادي أولها وأهمها الضغوط المالية عبر المؤسسات المالية التي تتحكم فيها فرنسا إن كانت على مستوى دول مجموعة الفرنك سيفا أو على مستوى المنح والقروض الدولية وكذلك عبر شن حملات إعلامية وقضائية على الرئيس التشادي وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي وتسريب معلومات لنشطاء ولحسابات المعارضة للضغط على الرئيس ديبي.

ويرى المحلل السياسي عيسى، أن التوتر بين أنجمينا وبارس جاء غداة زيارة الرئيس ديبي لموسكو في يناير الماضي، فقد لعبت دوراً كبيراً في تأزم العلاقة بينهما.

وأضاف: “اعتقد أن الزيارة تأتي من باب الضغط على باريس لكف يدها عن ممارس الضغوط لترشح محمد ديبي لانتخابات الرئاسة في مايو الماضي، وكذلك لتحييد الروس عن دعم المعارضة التشادية المسلحة على الحدود، وقد نجح محمد ديبي في ذلك حتى أن الفرنسيين بعد الزيارة مباشرة طلبوا منه الحضور إلى باريس وتسوية الخلافات”.

ويرى عيسى أن زيارة ديبي لموسكو كانت أداة للضغط على فرنسا للوصول إلى تسوية معها، وليست زيارة لتغيير بوصلة العلاقات مع الغرب والاتجاه نحو الشرق، خاصة أن هناك حليف آخر غربي وهي الولايات المتحدة الأمريكية متواجدة على الأرض وليس من صالح ديبي تأزم العلاقة معها أيضاً.

ولفت إلى أن الضغوط الاقتصادية التي تمر بها البلاد منذ تولي ديبي للحكم وتخلي ” الإمارات” عن تقديم الدعم المالي الذي اتفقت عليه مع تشاد، وربما يكون ذلك بإيعاز من “فرنسا” وكذلك عدم وجود بديل جاهز لسد فجوة الاحتياج لدى الحكومة، كل هذه الضغوط اجتمعت علها وقد تكون هي الأسباب ورآء التوجه لفرنسا.

وأضاف: “بالطبع لا ننسى الوعود التي قطعها مجموعة رجال الأعمال الفرنسيين لحل مشكلات التنمية في تشاد وبخاصة المياه والكهرباء”.

صراعات جيوسياسي:

من ناحيته وصف رئيس حزب الاتحاد الوطني للتغيير الديمقراطي في تشاد حسين إبراهيم أصيل لـ”شاري إنفو” المواقف الرسمي لأنجمينا بين التوجه إلى الدُب الروسي والدومينو الفرنسي بـ”حالة التذبذب والأرتباك” الواضحة في المواقف وفسره بعدم وجود ثوابت مبدئية للسياسة الجارية لتشاد للتعامل مع القضايا التي تنتج الصراعات الجيوسياسية وإنما هي سياسة تقوم على ردود الأفعال والتعامل مع الصراعات الجيوسيو سياسية حالة بحالة.   

وعن علاقة تشاد في الاختيار بين إرضاء المعسكر الغربي أو تعزيز التعاون والتنسيق مع موسكو، قال أصيل إن هذه العلاقة هي حالة “التوهان” وهو ما يفسرها بـ”فقدان الثقة في النفس وعدم التمتع بالاستغلالية التامة في اتخاذ القرارات المتعلقة بشأن الخيارات الاستراتيجية لسياسة تشاد الخارجية”.

وفيما يتعلق باعتقال المواطنين الروس الثلاث والبلاروسي في أنجمينا أكد أنه سيكون له أثر على العلاقه الثنائية للبلدين، لكنه يرى في الوقت ذاته بداية لتراجع العلاقات بين أنجمينا وموسكو، خاصة إذا تم فعلاً إطلاق سراحهم كما وعد بذلك سفير تشاد لدى موسكو، محمود آدم بشير.

وأضاف حسين إبراهيم أصيل: ” لأن دولة بحجم روسيا لا يمكن أن تربط علاقاتها بحادث عرضي قابل للإحتواء دبلوماسياً”.