*إذا كان خياركم الحرب يا أبناء السودان*


*الأستاذ / جابر انجم*

*اليمني*

*يكتب للسودانيين*

*إذا كان خياركم الحرب يا أبناء السودان*

*فهناك حروب أخرى ستخوضونها بعيداً عن جبهات القتال

*الذل - والمهانة - والمجاعة - والخوف - الفوضى - والخطف -* *والإعتقال - والضياع - داخل الوطن وخارجه - سيتم تحويل الإنسان* *السوداني إلى سلعة يتاجر بها العالم وعلى رأسهم تجّار الحروب من أبناء جلدتك - إذا كان* *خياركم الحرب فلن تجدون يوماً طيباً حتى يأذن الله برحمته* *ويخرجكم منها - وقد نُكّلت أنفسكم - وقطّعت أرواحكم - وتعبت* *أنفاسكم من غرق البحار - وعطش الصحارى - وسوط تجّار البشر -* *وأنتم على أبواب الهجرة تحاولون البحث عن وطن بديل ...*

*يا أهلي في السودان ::*

*الضريبة باهظة - التعليم* *لن يعود كما كان وكما عرفناه عن السودان - والجيل الذي يوشك أن ينطفى في ظل الأحداث* *السياسية - سيموت إنسانه ويتحوّل إلى وحش قاتل مفترس - الأطفال لن تتعافى* *أذهانهم من فوبيا الطيران - وشظايا الأجساد المعلّقة على جدران المنازل -* *والمفروشة على أرصفة وشوارع المدن ستبقى ندبة في وجه السودان -* *إذا كانت الحرب فأن كرامة المرء ستهان - وبدلاً أن ينام في بيته ومع أهله - سيتحوّل إلى* *مشرّد في بلدان أخرى تضعفه لحظة البحث عن ورقة الإقامة - وتبكيه نظرة مشفقة من إنسان عابر - وتقتله ألف مرّة* *صفعة ضابط على الحدود - أو دولة أخرى لا قدرة لك بها على المقاومة ورد الإعتبار ...*

*أقولها وقد نالت منّا كيمنيين - ولا أريد أن* *تكون لكم تجربة في هذا الحقل الخبيث - الحرب التي تبقيك على خبزة يابسة ،،، وماء ملّوث ،،، وخجل من أطفالك* *وعجزك ،،، ليست حربك ،،، الحرب التي تغيّب الأب عن أهله* *سنوات في معتقلات سرّية ،،، وتغيّب الإبن عن أمه وزوجته في أماكن مجهولة ،،، والتي لن* *تمنحك على أقل تقدير قبر صغير في بلادك ،،، ليست حربك ،،، الحرب التي تسلب شعبك* *قراره ،،، وتحوّل أطرافه إلى بيادق في أياد دولية قذرة ،،، ليست حربك ،،،* *عيب كبير أن يتحوّل السوداني الذي عُرف بإعتزازه بذاته وعلمه وعبقريته إلى لعبة في أياد رخيصة - عيب وعار* *كبيرين ...*

*كنتم تجدون اليمني والسوري والعراقي* *والفلسطيني والليبي ومن شرّدتهم الحروب على* *أرضكم ،،، وتشفقون عليهم بمحبّة - وتحاولون بقدر الإمكان مواساتهم حتى تدّب الحياة في* *قلوبهم - وكانوا رغم هذا في ظلام حالك وضيق لا حدود له - إذاً لماذا عليكم* *أن تجرّبوا المجرب ؟؟؟*

*وقد عرفتم حجم المآساة ...*

*هل تريدون أن يشفق العالم عليكم قبل أن* *تشفقوا على أنفسكم؟؟؟*

*وهل من اللائق أن يُسلب صوت السوداني ولسانه وموقفه وسيادته* *وشخصيته ثم بعدها لا يجد وطنه الأول ولا* *حضوره المعتاد ولا كلمته القوية - - - هذا كلّه تخلّفه الحرب - يُرخص الإنسان فيها وأنتم أهل عزة* *وشرف - ويهان المرء على وقعها وأنتم أهل كرامة وفضيلة - وتغيب في مستنقعات الدماء* *والأشلاء إنسانية الإنسان وطيبته ونقاء سريرته وأنتم أهل ومصدر هذا كله ...*

*عودوا إلى رشدكم -*

*أخاطب فيكم السودان التي نحب - الطيبة والنخوة والشهامة* *والانصياع الدائم للسّلم في سبيل المحبة وتلك خصالكم - توقّفوا قبل أن تتوقف الحياة في أعينكم - قفوا على سمعة البلاد* *وحضارتها وتاريخها وكونوا جندها في صف واحد لا مجال للآخرين للدخول والعبث - أنتم ما* *تبقّى لنا من فطرة الإنسان النقي الأصيل - فقد سُلبنا حتى إنسانيتنا وفطرتنا - وصارت أعداد* *القتلى لا تمثّل لنا أهمية - خضنا التجّربة - ومرارتها عالقة في فمنا - وصرنا لا حول لنا ولا قوة - تفرّعت* *كلمتنا على ألسنٍ لا نعرفها - وصارت الدول الرخيصة صاحبة الأمر القاطع في بلادنا - فهذه ضريبة* *باهظة - وهذه كلفة لن تشعروا بفظاعتها إلا في اللحظة التي ترتعش بها أياديكم* *وأنتم على مقاعد المتفرّجين* - *لا سلطة لكم على بلادكم ولا قرار لكم في حقكم من الحياة ...*

*اللهم أحفظ السودان وأهله وسااااائر أوطان المسلمين*

*اللهم ولي عليهم خيارهم*