دق الدودك لا تنطلي على الشعوب الجائعة؟


في نهايات الحكم العثماني أبحرت سفينة شحن من اسطنبول إلى ميناء أم قصر في العراق، محملة بعدد كبير من البغال، كمدد استراتيجي لبعض وحدات الجيش هناك، ولأن العلف شحيح وقليل، فقد كان يوزع على البغال مرة واحدة في اليوم فقط، بعدما يتلقى السوّاس أمرا من الضابط المسؤول بواسطة (دق الدودك)، أي عندما يصدح البوق، في وقت معين من الظهيره.

ولأن التكرار يعلم البغال أيضا، لهذا كانت هذه الكائنات الجائعه عندما تسمع الدودك، تعي أن العلف بات قاب صدحتين من الوصول لمعالفها، فتتحمحم للأكل، وتهيء نفسها بفرح للطعام، فيغمرها السكون والهدوء والثبات وعدم الهياج..!!

وذات يوم نفذ العلف، وعندما أحست البغال بالجوع بعدما فات موعد تقديم الوجبة لها هاجت واستنفرت وثارت بكل ما للجوع من سلطان وجنون، وكادت ان تخرق بحوافرها أرضية السفينة، فأسرع الضابط مذعورا يشرح الحالة للقبطان، ويؤكد له أن السفينة ستغرق بأقدام البغال الجائعه. فكر القبطان قليلا ثم أمر الضابط بدق الدودك، ومع أول صدحة من صدحاته، عاد الهدوء للبغال، وسكنت فرحا بقرب وصول العلف، وعندما مضت ساعات أخرى ولم يصلها شيء عادت لهيجانها وضرب حوافرها بالأرض، فما كان من القبطان إلا أن أعطى الأمر بالصدح مرة أخرى، وهكذا استمرت مهزلة الدودك حتى وصلت السفينة مبتغاها.

هذه المهزلة التصبيرية أو التأجيلية عن طريق دق وصدح الدودك وابتكار الأزمات مع امتلاك الحلول مسبقاً، لم تعد تنطلي على الشعوب المستبغلة التي بانت هياكلها العظمية بعد فقر وجوع طويلين. فترويض الخنوع هذا إن مرَّ على الذين يمصون النوى من شهوة التمر، ويأكلون أصابعهم ولحوم سواعدهم من الجوع والفقر فاعلم أنهم وصلوا فعلا لمرحلة الاستبغال!!

فمن خدعة دعم المحروقات السنوي، إلى لعبة دعم الخبز، إلى مهزلة إرفع النفط ٢٠ قرش ونزّل قرشين، إلى حُزم وجرائم ؟شركة الكهرباء و و و و وعلى ما يبدو أن طريقة دق الدودك لن تفي بالغرض إلى الأبد

منقول ….