لقد كذبت الاحزاب التي ترفع شعار الدين؟

=======================

كثيرا من الاحزاب والتيارات السياسية في مجتمعات العالم الثالث اتخدت من الدين شعارا انتخابيا وترويجيا , مستغلتا عواطف المواطن الذي يخضع لكل امر يعتقد انه ديني بلا تدبر , نتيجة عقود من التجهيل الممنهج والتغييب المتعمد الذي قاده زنادقة الدين على مر العصور , حتى اوصلوه الى الحال الذي عليه الان .

لقد خلقت الاحزاب والتيارات الدينية مجتمعا مشوها , وبيئة صالحة لزرع شريعة النفاق والتضليل , فهى من جهة تدعوا الى تطبيق الشريعة وكلام الله حسب زعمهم , ومن جهة اخرى تناقض الواقع , نتيجة عدم قبول الواقع المتجدد والمتحضر بما جاء بكتب الفقه الصفراء مند عقود.

لقد تغيرت وتطورت المجتمعات البشرية , وبات ليس من السهل التجهيل او الاستغفال وهذا ما يفسر ظاهرة عزوف افراد المجتمع عن هذه الاحزاب او التيارات حتى باتت تغيير من مظهرها واسمائها دون تغيير مضمونها ومعتقداتها السياسية في محاولة منها لاستقطاب داعمين لها , ان محاولات الأحزاب الدينية تطبيق قوانين الشريعة في مثل هذا المجتمع المعقد هو ضرب من الخيال ، فإلمواطن نفسه فى هذا المجتمع سوف يكون آخر من يسمع. فهذا مواطن لا يعيش في كتب الفقه، بل يمارس تجربة الحياة في مجتمعه عملياً، ويعرف أنه يعيش في مجتمع شريعته تحكيم القوة، وليس تحكيم شرع الله، وأن ما يقوله رجال الدين بالذات، هو مجرد كلام في غياب الكلام. وهي رؤية يائسة وبائسة -وغير دينية- لكنها أيضاً رؤية مشروعة، لأنها مستمدة من قراءة الواقع، وقادرة على التعامل معه بنجاح. إن النص الذي يعتقد انه شرعي وديني يستطيع أن يقول ما يشاء على الورق، لكن المواطن الذي يعيش في مجتمع برجوازي أو رأسمالي او اقطاعي ، يملك تحت تصرفه شريعة عملية أخرى. فالدين يحرم الرشوة، لكن المواطن الذي يعيش في مجتمع اقطاعي فاسد ، لابد من أن يرشو كل موظف يقابله، بكل عملة مقبولة في السوق. لأن الخدمات العامة في مثل هذا المجتمع، ليست حقاً دستورياً للمواطن، بل “فرصة” عليه أن يصطادها بصنارة.

لا اعلم كيف تمت صناعة مواطن مفصوم , يعتقد اشياء , ويمارس اشياء خارج اعتقاده , ان مثل هذا المواطن هو من نجده فى الشارع , وفى المسجد , وفى دوائر الدولة , وعلى رأس السلطة فى الدولة .

تباوي -ودبلوماسي سابق