العُنف إفلاسٌ،، والحرب نقيض لطبيعة البشر ..


 

مقال منقول….

غالطوك،، فقالوا لك أن الحياة صراع.. وأن البقاء فيها للأقوى.. قد يصحّ هذا، لكنه يصحّ على الحيوانات والسوائم وليس على الكائنات العاقلة الراشدة..
...
لماذا لا تُحكُم مجتمعاتنا إلا بالعنف؟ ولماذا لا تُحسمُ خلافاتها إلا بالعنف؟ هل لأننا تربّينا على العنف أسلوبا وممارسة حتى صار ثقافة مهيمنة، أم لأن بلداننا تُساسُ على غير فطرة الرّفق والتراحُم وسنّة المولى في الكون، فيتكرّس فينا حبّ الأذيّة والظلم وتتشكل فينا الشخصية العدائية إزاء الغير، بسبب الاضطهاد المسلّط على ذواتنا من قبل الآخرين؟

لو كان العنف فطرة، والصراع الدامي هو الأصل في تطور الحياة، ما تخلّصت منهما مجتمعات كثيرة واستطاعت العبور إلى حياة التحضر والتمدّن والتسامح.. لو كانت سياسة البلدان والشعوب بالعنف والعصا هي الأصل، ما تنعّمت مجتمعات كثيرة في الرفاهة والحريات والسلام وأبدعت وتقدّمت وازدهرت..

لماذا يحاول كثير منّا تغيير قوانين الكون لتبرير غوغائيته ودمويته ومرض العنف المسيطر على نفسه أكان حاكما أو محكوما؟ لماذا نحاول تقزيم ما نمتلكه من أسباب التحضر والحريات والسلام -وأهمها على الإطلاق إنسانيّتنا التي خُلقنا عليها- ونسلك مسلك السوائم في حسم خلافاتها؟ لماذا نُلغي ملكة العقل فينا ونستسلم لغريزة الكراهية التي يفترض أنها شعور دخيلٌ على النفس المسالمة الخيّرة، لمجرد تعطل لغة التفاهم والتحاور مع غيرنا لبعض الوقت؟

هل أدركنا اليوم عبثية الحرب التي تجري على أرضنا وأمام أطفالنا؟ هل أدركنا أنها خيارٌ مفلسٍ لطائفةٍ مفلسة من بني جلدتنا أرادت جرّ الليبيين نحو الحيوانية والغرائزية تريد بذلك إخضاع غيرها بالقوة وسلطان الحديد والنار؟

هل ما يزال بيننا -حقيقة- أناسٌ يعتقدون أن الحرب الحيوانية الدائرة اليوم ببلادنا وتوشك أن تحولها إلى رماد، وأكوام من ركام، هي الحلّ لاختلافنا وتبايُن وجهات نظرنا في أمور الحكم والسياسة وإدارة الثروة؟

هل ما يزال هنالك ليبي مشلول العقل مُعطّل المَلَكَات يعتقد أن الحرب هي الخيار الأمثل لتدريب أبنائنا وتعليم أجيالنا وصون حرماتنا وحماية مقدراتنا؟ هل حققت الحرب المفلسة شيئا واحدا من هذا؟ ألم يكن بأيدينا أن نحقّق بسلام قليل ما لم نحققه باحتراب كثير؟ أي الأمرين أكثر تكلفة وتدميرا واستنزافا للدماء والقدرات والموارد: أالحربُ أم السلم؟ أيهما أقرب إلى طبيعة البشر؟ أالحرب أم السلم؟

لننظر حولنا، إلى مجتمعات مجاورة، كيف تصرّ على الحوار وتتمسك بالسلم وتتعارك وتتخاصم لفظيا إلى أن تتخيل أنها قاب قوسين أو أدنى من الاقتتال،، ثم ما تلبث أن تراها تستعيد انسجامها وانتظامها على نحو يُشعرنا بمرارة فشلنا، وعجزنا واستسلامنا لإرادات شريرة مفلسة مليئة بالحقد والكراهية ضد المجتمع بأسره وليس ضدّ خصومها فحسب..

قولوا لي بربّكم،،، كيف يمكن للغوغائية والكراهية أن تبنيا مجتمعا متسامحا؟

كيف يمكن للسلام أن يقوم على أنهُرٍ من الدماء؟ وكيف يمكن للتعايش أن يتحقّق بعد استباحة الأعراض وارتكاب الفظائع؟

هذا الكلام الصريح برسم المحتربين في بلدي، الحاقدين على أنفسهم وعلى خصومهم وبني جلدتهم وعلى ليبيا بأسرها،،، لعلهم يرشدون.