يعرف في تاريخ حروب المدن ان من افضل الخطط للسيطرة على المدن يتمثل في استخدام عدة محاور قتالية حول هذه المدن لان ذلك يشتت القوة المدافعة عن هذه المدن بين المحاور مما قد يضعفها في محور قتالي معين ويمكن عندئذ للقوة المهاجمة من الاقتحام وانهيار القوة المدافعة في باقي المحاور .
في الحرب على طرابلس قد نتفق ان استخدام المحاور القتالية المتعددة هو افضل خطط الاقتحام العسكرية للمدن ولكن ذلك لايكفي فلابد من وجود تخطيطات وتدابير طارئة ومتجددة لهذه المحاور تعتمد على المعلومات والموقف الحربي لقوات حفتر وقوات السراج وهو مافقده جيش حفتر مما مدد الحرب طولا وبعد عن الحسم ويرجع تعطل الحسم بالنسبة لقوات حفتر لعاملين مهمين هما الآتي :-
ضعف وخطورة وبعد مسافة خطوط الامداد مما أدى الى تأخر أو قطع الإمدادات وأدى ذلك الى اضطراب في بعض المحاور القتالية لقوات حفتر وعدم وجود خطة لإنشاء مراكز إمداد في المناطق المسيطر عليها فعليا كغريان وترهونة وقصر بن غشير وغيرها .
عدم وجود معلومات دقيقة عن اهالي احياء طرابلس ممن تتصل احياءهم بمحاور القتال وممن قد يشكلون سندا لقوات حفتر ضد القوة المدافعة عن طرابلس ويعرف عن بعض اهالي احياء مدينة طرابلس انهم ينتظرون قوات حفتر لإنقاذهم من سطوة العصابات المسلحة ومن سطوة المعاناة المعيشية التى فرضها عليهم ساسة ليبيا ومن اشهر اهالي هذه الاحياء الشعبية حي ابوسليم وغوط الشعال والهظبة وبعض الاحياء الاخرى * وكان يفترض في هذه المحاور التى تتصل بها هذه الاحياء ان تقوى دون غيرها من المحاور بتدابير طارئة للوصول الى الاهالي سريعا حتى يكونوا اهالي هذه الاحياء سندا لقوات حفتر مما يسهل اقتحام طرابلس ويضعف قوات السراج في باقي المحاور وذلك في ظل ضعف خطوط الامداد لقوات حفتر .
قوات السراج وهى القوة المدافعة عن طرابلس مشتتة في محاور القتال واستمرار صمودها امام قوات حفتر يتعلق أساسا بقوة خطوط الامداد لقربها من مراكز الامداد الرئيسية ولتوجيه الإمكانيات الحكومية المالية والإعلامية والعسكرية وغيرها لصالحها ويعتمد دفاعها على طرابلس بتوجيه كثافة نارية عشوائية دون تصويب على مواقع قوات حفتر لافتقادها للحرفية العسكرية لهذا لم تستطع استرجاع المواقع التى سيطرت عليها قوات حفتر الا المواقع التى شهدت اضطرابا لانقطاع او اضطراب الامداد عنها وهى قوات ضعيفة تتكون من ائتلاف جماعات ذات انتماء مناطقي وقبلي وسياسي وعصائبي وليست قوة منظمة وقوتها في قوة وقرب الامداد العسكري المتمثل في التموين والذخائر والأسلحة والوقود والإسعاف وغيرها .
لذلك فان اهم عوامل تأخر الحسم في هذه الحرب لصالح قوات حفتر او صالح قوات السراج لوجود معادلة عنصرها موجود عند قوات حفتر ومفقود عند قوات السراج والعكس تماما وهى جيش حفتر جيش قوي ولكن خطوط إمداده ضعيفة وجيش السراج جيش ضعيف ولكن خطوط إمداده قوية .
في اي عملية عسكرية هجومية او دفاعية لابد من توفر وإيجاد التوازن في حاجاتها الضرورية ولكن الاعتماد على عنصر وتجنب عنصر اخر هو اطالة لهذه العملية وقد تكون هزيمة ومن ذلك الاعتماد على الجانب القتالي دون ان يكون الجانب الامدادي قويا او الاعتماد على الجانب الامدادي دون ان يكون الجانب القتالي قويا فان ذلك تطويلا وتمديدا للحرب التى يحصد معاناتها اهالي طرابلس دون ان يحقق احد الطرفين الحسم ويكفي الاهالي الشر الطويل لهذه الحرب . ربي يرحم ويغفر للموتى من الطرفين ويعافي ويشفي جرحاهم ويرفع المعاناة عن اهالي طرابلس .. أمين يارب العالمين .