بغض النظر عن تقارير وزارة الصحة الليبية او منظمة الصحة العالمية التي قد تشير الي ارتفاع معدل هذا المرض في ليبيا فنـحن من خلال الواقع المعاش والمعاناة التي نسمعها لمرضي من هنا وهناك أصبحنا على يقين بأن المرض قد تفشي داخل ليبيا بطريقة مرعـبة ومخيفة .
فما هي اسباب انتشار هذا المرض وهل هناك احصائيات للمرضي قبل عام 2011 حتي يمكن مقارنتها بالأحصائيات في عام 2019 ؟ وما دور استخدام الناتـو لليورانيوم المنضب في ازدياد الاصابة بهذا المرض ؟
كي نكون اقرب للواقع في الحديث عن قضية خطيرة تمس حياة كل الليبين فهذا المرض اللعين لا يفرق بين فبرايري وسبتمبري فهو يحصـد الاوراح بغض النظر عن المآسي والجراح التي يتركها وراءه .
في نهاية عام 2013 بدات احداث القصة المثيرة للجدل في ليبيا بعد ان تقدم احد الاطباء بتقرير لمكتب النائب العام يؤكـد فيه ارتفاع معدلات الاصابة بمرض السرطان في ليبيا نتيجة استخدام الناتو لليورانيوم المنضب في قصف معسكرات ومخازن ذخيرة في آماكن آهلة بالسكان .
ويشير الطبيب في تقريره الي ان لجنة دولية قد رصدت من خلال تحليل تربة الاماكن التي تم قصفها وجود هذه المادة الخطرة والتي يري الطبيب ان عوامل الطقس في ليبيا ساعدت على انتشارها في العديد من المناطق .
المعلومة وصلت عن طريق احد اعضاء النيابة العامة للجنة الامنية العليا في امعتيقة فطـلب كارة من مكتب النائـب التوقف عن التحقيق في القضية لان الهدف منها اثارة البلبة والراي العام .
بعد شهرين طلبت اللجنة الامنية العليا من احد الباحثين المغمورين ان يعد تقرير يبين فيه ان سبب انتشار المرض ناتج عن الاشعاع الذي كان يصـدر من مصنع الرابطة الذي كما يصفه في تقريره قد وصـل الي مرحلة تصنيع الاسلحة الكيماوية والجرثومـية .
المشكلة ان التقرير الذي اطلعت على بعض محتوياته عن طريق احد الاصدقاء يحتوي على معلومات تثير السخرية حيث يتحدث الباحث عن اشعاع ذري في غدامـس وتربة ملوثة بالمواد الكيماوية في مناطق على الحدود الليبية الجزائرية وكأن الباحـث لا يعرف ان الرابطـة ابعد ما تكون على غدامس وان الاشعاع الذري لا ينبعث سوى من المفاعـلات النووية وهذا الاشعاع يستطيع ان يكتشفه العالم في سـاعات ؟
المهم ان اللجنة الامنية العليا ارادت انذاك التشويش على القضية وان تبعد النيابة العامة عن التحقيق في التقرير الذي تقدم به الطبيب مشفوع بالادلة والبراهـين .
وهذا ما حصل فعلا فالنائب العام انذاك اختار ان يوقف التحقيق في التقريرين مع ان الاول كان يستحق التحقيق والمتابعة في حين كان الثاني يستحق ان يرسـل الي الفرامـة .
في اتصـال هاتفي دار بيني وبين النائـب العام اثناء وجوده خارج ليبيا تطرقت فيه لهذا التقرير فرد علي ويشهد الله بعبارة واحدة لقد هددوني بالقـتل لو فتحـت التحقيق في هذه القضية وانا قد حفظت التقرير عسي ان يأتي بعدي من يستطيع ان يعيد فتـحه من جديد .
على كل حال الي الأن لم يأت من يحرك المياه الراكدة في اقبية مكـتب النائـب العام فالتقرير ينام في أدرج الارشيف في انتظار ان يعود القانون وتستيقظ العدالة .
ومع ذلك يجـب ان ننوه ايضا الي ان قصف الناتو ليس هو السبب الوحيد لتزايد معدلات هذا المرض بل سقوط الدولة ومؤسساتها الآمر الذي نتج عنه استيراد المواد الغذائية دون مرورها على ادارة الرقابة على التغذية .
فاذا كان الناتـو قد زرع شجرة هذا المرض اللعين في بلادنا فالتجار هم من اعتنوا بها ببضائعهم الفاسدة حتي كـبرت واصبحت من فصيلة شجرة الزقـوم .
ولكن ما الحل الان ؟
الحل الان يكمن في ترشيد الناس على ضرورة الفحص المبكر واجراء تحاليل دورية كل ستة أشهر فهذا المرض يمكن السيطرة عليه وهزيمته في المراحل الاولي ويجب الا يخشي احد من هذه الخطوة فأن تواجه هذا المرض في بدايته وتنتصر عليه افضل من تواجهه في مراحله الاخيرة ليقضي عليك ، ويجب على المنافذ البحرية والبرية الا تسمح بدخول اي مواد غدائـية لا تمر على لجان الرقابة على الاغذية التي يجب اختيار اعضائها بعناية فائقة لان الخبير الغذائي في مثل هذه الظروف اصبح اكثر اهمية من القاضي .
ويجب على وزارة الصحة ان تبدل ما في وسعها لتوفير الادوية والحقن بالمجان للمواطنين وان تقوم بأيفاد الحالات التي لا يتوافر لها الدواء في الداخل للعلاج في الخارج .
يكفينا سلبية وغرس رؤوسنا في الرمال فالسـرطان وحش كاسر لا يرحم يدخل البيوت يسرق الاحباب ولا يلتفت لحجم المآسي والاحزان التي يتركـها وراءه .
؟يجب ان نكون يد واحدة في هذه الأزمة فاذا لم يجمعنا حب الوطن فعلي الاقل يجب ان تجمعنا كراهـيتنا لهذا المرض
المقال منقول عن صاحبه… .