.
ان تعيش كاقلية عرقية فى وسط محيط قومية ثمتل الاكثرية أمر لا يخلوا من مخاطرة وازدواجية فى مفاهيم الهوية الوطنية الجامعة والهوية الثقافية والتى تمثل الخصوصية .حيث تشعر وانت تكتب عن هذا الموضوع بانك تسير فى حقل اللغام ملىء بالمتفجرات والمفخخات وقد تنفجر النوايا السيئة المكبوثة لذى البعض فى وجهك فى اية لحظة وتتهم بانك ضللت الطريق وانك تحمل فى جعبتك بوادر فتنة اجتماعية, المجتمع فى غنى عنها؟ .. ولكن هذا لا يمنع من تعرية بعض المفاهيم المغلوطة فى محاولة لكشف الحقيقة.
المجتمع التباوى والذى يعيش فى جغرافيا مثلث متساوى الاظلاع والزوايا بين النيجر وليبيا وتشاد هو المعنى بموضوع هذا المقال فزوايا هذا المثلث ليست كاملة ولا هى متساوية فى الدول الثلاث فهم اقلية فى النيجر البلد الافريقى الفقير و المتعدد الاعراق والديانات وفى تشاد البلد الافريقى الفقير ايضا و الاكثر تعددا للاعراق والديانات وفى ليبيا البلد الشمال افريقى الغنى بالنفط و المتعدد الاعراق, وفى كلا البلدان الثلاثة يمثل التبو اقلية مع اختلاف نسبة القوميات التى يعيشون بينها وما تحمله من مفاهيم مختلفة عن المساواة والعدالة الاجتماعية لحقوق الاقليات .
لم يخلوا تاريخ البلدان الثلاثة من ارهاصات ثورية لاقلية التبو للمطالبة بالحقوق والمساواة وقد اتخدت اشكالا عدة تدرجت وسائل مطالبة الحقوق من المطالبة السلمية الى التمرد وحمل السلاح , حيث شهدت تشاد اولى عمليات التمرد على السلطة المركزية وحملت اقلية التبو فى شمال تشاد السلاح فى وجه حكام انجمينا رافضة للظلم والتهميش ومطالبة بالحقوق تحت اسم جبهة فرولينا فى ستينيات القرن الماضى هذا النضال الذى افضى الى الاعتراف بالجبهة بل اوصل بعضا من اعضاءها الى السلطة اذكر منهم على سبيل المثال الرئيس حسين هبرى و الرئيس كوكنى واداى ,بينما شهدت النيجر هى الاخرى تمردا مسلحا لاقلية التبو فى تسعينيات القرن الماضى تحت اسم حركة درع الصحراء والتى خاضت صراعا مسلحا ضد حكومة النيجر حيث انتهت الى مفاوضات بين الحركة والحكومة تم بموجبها توقيع اتفاق بثمتيل اقلية التبو فى السلطة, الاتفاق الذى لازال سارى المفعول حيث يمثل بعض الوزراء والمستشارين من اقلية التبو فى الحكومة النيجرية.
اما فى ليبيا فاقلية التبو لم تخوض اى صراعا مسلحا ضد الحكومة سواء فى عهد مملكة ادريس او فى جماهيرية القذافى رغم التهميش وبعض الظلم الذى وقع عليهم , ومرجع ذلك ربما الى العامل الاقتصادى باعتباران ليبيا بلدا نفطيا وقد نالت اقلية التبو بعضا من نصيبها من خلال الوظائف والرعاية الاجتماعية اسوتا ببقية المكونات الاجتماعية حيث لم يكن الفقر عاملا رئيسا ومحركا قويا للتمرد كما كان الحال فى النيجر وتشاد. ولكن الحراك الثقافى لاثبات الهوية الثقافية فى ليبيا لم ينقطع رغم القبضة الامنية للنظام والذى كان يحظر اى نشاط لبث روح الهوية الثقافية للاقليات عموما واقلية التبو بوجه خاص.
ولكن بانتهاء النظام السياسى سنة 2011م زالت المخاوف الامنية عن الاقليات واصبحت جميع المكونات بما فيها القبائل العربية تتقوقع حول نفسها لحماية نفسها وتحيى النعرات الجهوية والقبلية وتسعى بقدر الامكان الاستحواذ على اكبر قدرمن مصادر القوة: من سلطة ونفط -غاز ومعابر للتهريب وهجرة غير شرعية , الامر الذى ادخل الوطن برمته فى حرب اهلية لا زال نارها مستمرة حتى الان.
ما ميز اقلية التبو فى ليبيا انها ورغم ظروف التهميش وطمس الهوية الثقافية والحرب الاهلية والتى كانت فيها ضحية بسبب عدوان بعض القبائل عليها , الا انها كانت دائما تحافظ على ثوابت الوطن المثمتلة فى : المحافظة على السيادة الوطنية والاستقلال , ورفض العدوان الخارجى , بناء اى تحالفات سياسية او اجتماعية عابرة للحدود ,حرمة الدم الليبى- على الليبى.. وما المعارك التى خاضتها الا كانت دفاع على النفس والعرض.وتؤكد فى ذات الوقت على التمسك بالخصوصية الثقافية للاقلية وتعمل وبالوسائل السلمية على دسترة حقوقها الثقافية فى دستور دائم يحفظ مستقبلها ومستقبل ابناءها
بقلم المستشار.