قرأة فى مقال منقول...
شبح الجضران.. وخزانات النفط المحترق.. هدية العيد المعتادة لليبيين..
مع آخر ساعات شهر الصيام، يطلّ الجضران بعد طول غياب كي يصنع الحدث مجدّدا بمنطقة الهلال النفطي، وينفذ فصلا جديدا من الآكشن المليشياوي في موانئ ليبيا..
ما جرى وما يجري إلى حدّ الآن في المنطقة الملتهبة يكشف بوضوح أن صراع الأجندات يدور حول محور أساسي هو نسف كل حالة استقرار يمكن أن تجعل الليبيين يأملون في رسم طريق حقيقي وآمن نحو المستقبل.. المقصود بالطبع هو زراعة المزيد من الأشواك في طريق الاستحقاق الانتخابي، كي يتحول إلى أمر غير ممكن أو مستحيل من الأصل، عبر اختلاق واقع فوضى واقتتال ثم انقسام ميداني وسياسي وحرب إعلامية وانتكاس كامل لمسار الخروج من الأزمة..
قلت منذ مدة أن تحركات الأجسام منتهية الصلاحية في ليبيا أو ما يُصطلحُ عليه بـ"الفُرقاء" لا تنبئ بنوايا حسنة إزاء خطة السلام، وتصرفاتها على الأرض هي تصرفات أطراف تعتزم البقاء وتُزمع مزيد التمترس والتحصن خلف مقومات قوتها واستمرارها من سلاح وقدرة على صناعة الفوضى..
خروج الجضران يُترجَمُ في الشرق بعملية ترسيم حدودية جديدة استغلّت انشغال حفتر بحرب درنه استباقا لأية عمليات توسيع نفوذ يخطط لها.. أما في العاصمة، وعلى الرغم من إعلان السراج أنه خارج عن الشرعية وإنكاره أية صلة به، فإنه يكشف أن الطليان أشدّ عنادا من أن يستسلموا إلى اتفاق غير موقع ألقى به جارهم الفرنسي فوق طاولة الصراع مستغلاّ ارتباكهم ودقة أوضاعهم السياسية الداخلية..
خروج الجضران وأياّ كانت شعاراته أو مفرداته المرتبكة وغير المدروسة، يعكس إصرارا على مزيد الذهاب بليبيا نحو الفوضى والتقسيم على أساس الموارد بدفع جهوي وإقليمي هذه المرة.. ولن ينتهي هذا الأمر قبل أن تُدوّن المكاسبُ وتُرسمَ الخارطة الجيوسياسية على خلاف خصوصيات ليبيا وتكوينها وتركيبة شعبها.
وحيث أن ظاهرة الجضران قد أُرِيدَ لها أن تظهر من جديد، بإرادات نافذة ومؤثرة، فإنني اعتقد من موقع المتابع أن مجرد سقوط قتلى أو إحراق الموانئ أو تهجير السكان لن يؤدي إلى نهايتها، فالأمر يتعدى إرادات الأفراد والجماعات والفعاليات البسيطة وردود الأفعال الساذجة المرتجلة والسريعة التي اعتمدها الليبيون على مدى أعوام الأزمة..
الأمر يحتاج حراكا مؤسساتيا مصممّا على مقاس التهديد وبحجم الخطر.. مؤسسات انتقالية من طرف واحد تنطلق من مقاربة الوطن الواحد والشعب الواحد وتتصدى للإحراق والإفساد في الأرض بهذا الشكل البدائي بالاعتماد على قوة سياسية وميدانية فعالة.. على الشعب الليبي أن يواجه جنون هؤلاء الذين يجرونه إلى مربع القتال كلما لاحَ له بصيص أمل.. الشعب الليبي مطالبٌ اليوم بأن يدخل على الخط بصفته طرفا مستضعفاً وليس اداةً أو جسما عديم التأثير.. عليه أن يغادر موقع الضحية ويسترد المبادرة من أيدي المرتعشين والجبناء والخونة ووكلاء الخارج..