بركة وردكو مهدى ...
قامة من قامات امة التبو, ورمز مهم من رموزها النضالية ,وفارس مقدام لا يشق له غبار , عرف بحنكته العسكرية , وصدق تحليلاته السياسية ,وصدق ايمانه بقضايا أمته .. رجل بسيط ومتواضع من قرية بسيطة فى اقصى الجنوب الليبى وهى قرية "تجرهى".. ترجل هذا الرجل مند سنوات من على صهوة نضال وصراع استمر على مدى اربع عقود ولكن سيرته النضالية لا تزال شاهدة على مواقفه . حقق خلال نضاله بعضا من اهدافه, واخفق فى بعضها الاخر ولم يمهله المرض و الزمن تحقيق كل ما تمناه.
عرفت الفقيد طالبا لم يكمل دراسته فى بداية سبعينيات القرن الماضى واللتقييت به شابا وقد جاء الى سبها للانتساب الى الجيش الليبى وقد فعل ..كان شابا يافعا يتقد حماسا وحيوية وترى فى عينيه طموحا يكبر سنه ومرحلته العمرية وله روح القيادة والتخطيط مند صغره..
اتذكر انى سألته بعد مرحلة تدريب الاساس من التدريب العسكرى فى حامية سبها وقلت له بأن البعض يشتكى من صعوبة التدريب والارهاق , استوقفنى وقال لى نحن شباب التبو لابد ان ندخل الجيش ولابد ان نتحمل التعب و الارهاق ؟ وقال لقد قبلنا التحدى ودخلنا مجال العسكرية ولابد من التحمل, لان العسكرية هى مجال اعداد الرجال للدفاع عن الوطن ؟
ادركت يومها ان الفقيد يتكلم لغة لم اعهدها فى احد غيره من شباب التبو ..فهو يتكلم عن الوطن والوطنية والدفاع عن الوطن ..وقبول التحدى؟
لذلك كان الفقيد لديه دائما طموح واهداف على مستوى مجتمعه الصغير وهم التبو ومجتمعه الكبير وهى ليبيا سعى الى تحقيقها وناضل من اجلها واصطدم مع الكثيريين من اجل تجسيدها على ارض الواقع..و تحمل من اجلها الكثير من المتاعب ...فقد سجن لسنوات طويلة وهاجرمن وطنه لسنوات أخرى خارج الوطن الى دولة تشاد ودولة النيجر ليواصل نضاله لصالح قبيلته..
بدأ الفقيد نضاله الفعلى فترة حرب تشاد حيث شارك فى هذه الحرب و كان جنديا فى الجيش الليبى لا شك ان حرب تشاد كانت سببا فى اكتساب الفقيد قناعات ناضل من اجلها وفقد قناعات اخرى لم يأسف لها .. ليرجع بعدها ويؤسس كتيبة تحت اسم " كتيبة درع الصحراء".. واذكر اننى تناقشت معه مند بدايات ولادة الفكرة على اهميتها؟ وكان مصرا على رأيه... ورغم اختلافى معه فى طريقة تكوين هذه الكتيبة واهدافها الا ان هذه الكتيبة حققت اهدافها وهو نجاح النضال من اجل حقوق التبو فى دولة النيجر والتى توجت بانجاز سياسى وذلك بتمثيل مكون التبو فى حكومات النيجر المتعاقبة وهو الامر الدى ما كان ليتحقق بعد الله لولا نضال الفقيد بركة وردكوورفاقه ؟..
كان ذلك فى النيجر , اما فى ليبيا كان الفقيد قد استمر فى نضاله من اجل حقوق التبو فى ليبيا ايضا وقد سجن ما يزيد عن العشر سنوات فى سجون النظام السابق تحمل خلالها الظلم والتمييز والاطهاد من اجل رفع التهميش والظلم عن قبيلة التبو فى ليبيا فى وقت كان الاخرون لا يجروءن على الوقوف ضد ظلم النظام السابق ضد اقلية التبو وتهميش حقوقهم؟.فى السجن حفظ الفقيد القران حيث اصبح اكثر ايمانا بقضايا امته واصبح اكثر صبرا على الظلم واكثر ايمانا بان مع العسر دائما يأتى اليسر.
افرج عن الفقيد عدة مرات من سجنه ولكن ما يلبت ان يرجع اليها مرة ثانية , بسبب اراءه السياسية والاجتماعية المؤيدة لحقوق مكون التبو فى ليبيا ..قبل احداث سنة 2011م افرج عن الفقيد واذكر اننى زرته فى بيته وكان كما عهدته بضحكته المعهودة وابتسامته التى لا تفارقه رحب بى وتبادلنا اطراف الحديث وكان يتشكى كثيرا من ظلم النظام له فى سجنه؟ ..وما ان بدأت احداث فبراير حتى خرج اقصى الجنوب الليبى لكى لا تتعرض قريته لاى اعتداء ليشكل قوة مقاتلة من شباب التبو على الحدود النيجرية- الليبية ويدخل بها القطرون تم مرزق ليشكل مجلسا عسكريا ويصبح هو رئيسه.
الفقيد كان ضد تدخل الناتوا فى ليبيا وتدميرها ...وكان دائم القول بان التصدى لظلم النظام لا يستدعى تدخل قوة اجنبية؟..
بعد احداث سنة 2011 وعندما تكالبت بعض القوى المعادية لقبيلة التبو فى سبها فيما سميى بحرب سبها الاولى وحرب سبها الثانية كان للفقيد دورا قياديا وقتاليا فى الدفاع عن اقلية التبو فى سبها ولولا قيادته وشجاعته هو والقيادات الميدانية و العسكرية من شباب التبو لما استطاعوا فك الحصار عن احياء التبو فى حجارة , وطيورى , وبردى فى سبها وتم دحر فلول المعتدين وتمت السيطرة الكاملة على سبها لمدة اسبوع تقريبا حتى خضعت حكومة الكيب وارسلت وفدا للتفاوض معه. .
واخيرا ..رغم خلاف البعض من قيادات التبو مع الفقيد بركة فى اسلوبه وقيادته وعلاقته مع بعض القوى السياسية والعسكرية فى الجنوب او فى الشمال الليبى واتهام البعض له بالتفرد بالرأى الا اننى اقول وانا شاهد على بعض مراحل تاريخ الفقيد بانه رجل وطنى يحب قبيلته ويحب وطنه وعمل المستحيل من اجل رفع الظلم والتهميش عن امته ليس فى ليبيا فقط بل فى تشاد والنيجر على حد سوء....
اسكن الله الفقيد بركة ورضكو فسيح جناته وتغمده بالمغفرة والرحمة, وجعل كل ما قام به من اجل قبيلته ووطنه فى ميزان حسناته.....