مقال منقول...
لقد لعب اليهود دوراً كبيراً في زرع بذور الخلاف بين فئات المجتمع في الدولة الرومانية منذ القرن الأول الميلادي حيث أظهروا خلافاً مع المكونات الإغريقية و الرومانية في أجزاء مختلفة من الإمبراطورية زادت حدّته خلال الفترة 66-136م. و وصف بعض المؤرخين هذه الفترة بأنها فترة الحروب اليهودية أو الحروب اليهودية الرومانية و كانت أكثرها شهرة التي وقعت بين عامي 115-117م. و يسمّيها البعض ثورة اليهود أو حركة الشغب اليهودية Tumultus Iudaicus و يسمّيها آخرون حرب الشتات Bellum Diaspora و تتلخص أحداثها التي انطلقت من مدينة كيريني (قوريني- شحّات شرق ليبيا) في صورة أعمال عنف بدأها يهود إقليم كيرينايكي( قورينائية - سيرينايكا) Cirenaica عام 115م. عندما هاجموا حصون و معسكرات رومانية في الإقليم بقيادة رجل يُدعى أندرياس Andreas أو لوكاس Lukuas كان قد أعلن نفسه ملكاً حسب قول بعض المؤرخين و امتدت الفوضى إلى مصر و قبرص و بلاد الشام و خرجت عن السيطرة و انتشرت أعمال القتل و المذابح في القوات الرومانية التي كانت قد بقت في هذه الأقاليم لحمايتها عندما كان الامبراطور تراجان يقود جيشه في قتال ضد البارثيين في الحدود الشرقية للامبراطورية و قتل المتمردون اليهود الجنود و المواطنين الرومان حتى صارت بعض الأماكن خالية من السكان بسبب أعمال الإبادة بالمذابح مما أدّى لاحقاً إلى جلب مستوطنين آخرين و توطينهم بها في عهد الامبراطور هادريان حتى لا تظل خالية ، و يذكر المؤرخ ديو كاسيوس Dio cassius أن اليهود في تمردهم هذا قد قتلوا الإغريق و الرومان و طبخوا لحومهم و صنعوا أحزمة و ملابس من جلودهم و دهنوا أجسادهم بدماء القتلى و كانوا أحياناً يقسمون أجساد أسراهم و هم أحياء إلى نصفين من الرأس حتى فصل الساقين و يعطون بعضهم للحيوانات المفترسة و لم تسلم عمائر الإقليم من الضرر إذ دمّر المتمردون مباني عامة كثيرة و معابد عديدة في كيريني (قوريني - شحات) منها معابد أبوللو و أرتيميس و تم القضاء على هؤلاء المتمردين عام 117م. بالقوات الرومانية التي قادها لوسيوس كويتيس Lusius Quietus مما جعل البعض يسمّيها حرب كيتوس نسبة له و هرب لوكاس إلى فلسطين و قُتل هناك .
كانت هذه هي الحرب التي أشعلها لوكاس و اليهود في الشتات من أجل السيطرة على الدولة الرومانية و جمع شتاتهم في أرض الميعاد قبل ألفي عام لكنهم فشلوا في مواجهة أباطرة روما الذين انتقموا منهم أكثر من مرة ، فهل نجح خلفهم اليوم في إشعال حروب التشتيت التي بدأت إحداها من كيرينايكي (سيرينايكا) أيضاً و انتشرت في مصر (بشكل محدود) و بلاد الشام ؟ و هل سيظهر كويتيس عربي أو أكثر يستطيع إنهاء حروب التشتيت الحديثة ؟ أم أنه لا أحد يستطيع التصدّي اليوم لبرنارد ليفي المعروف باسم (عرّاب Godfather ) الربيع العربي و من يقف وراءه ؟ أم أن الربيع قد أتانا يختال ضاحكاً-- من الحسن حتى كاد أن يتكلما.؟