مؤتمر باليرمو.. هل يكون مؤتمر مطالب إيطالية أم ترضيات إقليمية؟ وهل علينا أن نرضى بمخرجاته نتيجة حتمية مقدسة؟


46076538_1087456544756314_1380245452045156352_n.jpg


مؤتمر باليرمو.. هل يكون مؤتمر مطالب إيطالية أم ترضيات إقليمية؟ وهل علينا أن نرضى بمخرجاته نتيجة حتمية مقدسة؟

المؤشرات التي ما تنفكّ تظهر تِباعاً تخفّض سقف التوقعات من مؤتمر باليرمو شيئا فشيئا، بل أكاد أقول أن التوقعات أقلّ بكثير من تلك التي رافقت مؤتمر باريس إذا ما نظرنا إلى ما رافق إطلاق فكرة هذا المؤتمر من سجال وزخم، وما نحن إزاءه اليوم من تفاعلات على الأرض وعلى الساحة الدولية..

انسحابات كل من الرئيس الروسي بوتين والمستشارة الألمانية انجيلا ميركل، وما سيتلوها من "حركات مماثلة" في رمزيتها من قادة آخرين، يُشعرنِي شخصيا وكثيرا من المتابعين، أن هذا المؤتمر إيطالي محض.. والأطراف الدولية والإقليمية تعلم ذلك.. وأن أساس المشاركة يُرادُ له أيضا أن يكون قائما على تأييد مطالب الطليان ورؤيتهم للحلّ.. فمن رأى مصلحته في تأييد الرؤية الايطالية والصيغة المنبثقة عنها لإدراة المراحل المقبلة من الأزمة فليُشارك.. ومن رأى عكس ذلك، فإن اجتماع باليرمو ليس المنصة المناسبة للتغريد خارج السرب أو لتقديم بدائل تختلف عن رؤية المستعمر التاريخي..

هذا المحفل اقترحه الطليان لإعلان قائمة مطالبهم واشتراطاتهم في ليبيا كي لا يعرقلوا أي تقدم نحو السلام.. وقرروا منذ البداية أن يرسموا فيه حدود مصالحهم الممتدة عبر مختلف مناطق ليبيا كي يعلم منظمو لقاء باريس أنه ليس مسموحا لهم بأي عبث بالمصالح الايطالية، وأن شرط مرور أي مخرج يقترحونه وأية صيغة يساهمون بها في حلحلة الأوضاع في أي مستوى من المستويات ينبغي أن يضع هذه المصالح في الحسبان..
هذا بالنسبة إلى أطراف الخارج..

أما أطراف الداخل فبعضها ذاهب للإنصات وتعلّم أصول التنفيذ.. وبعضها الآخر يحاول الخروج قليلا عن النص ويغيّر "اللوك" من معرقل إلى صاحب موقف واقتراح، على غرار الاتفاق الذي أعدّه مجلسا النواب والدولة خصّيصا للمناسبة !!

رسم منظمو المؤتمر لأطراف الداخل حدّا محدودا لا يتخطونه، وحدّدوا هامش الحركة وحجم المشاركة ومستواها. وهذا يظهر في الأسماء التي ضمّتها القوائم المسربة للمدعوّين لمتصدري المشهد السياسي والعسكري وغيرهم ممن أسموهم نشطاء المجتمع المدني ، والتي يعتبرون في مجملهم غير مؤثرين ولا 
أحسبهم قادرين على إضافة شيء إلى أعمال المؤتمر فضلا عن القرارات المتوقعة منه..

هذا المؤتمر يأتي أمتداداً لمؤتمرات واجتماعات سابقة 

- مؤتمر روما 2011 الذي تمّ فيه رسم معالم انهاء النظام الجماهيري وكيفية إدارة المرحلة بعد أسقاطه..وكان الحضور الليبي فيه هامشيا وغير فعال حيث قدم المكتب التنفيذي للمجلس الانتقالي خارطة طريق تمت مناقشتها في مؤتمر لندن وخلال المؤتمر اعلنت تركيا وايطاليا انضمامهما إلى عمليات الناتو واشتركتا في العدوان على ليبيا.

- مؤتمر روما 2015.. جرى اعتماد برنامج الاتفاق السياسي ومخرجاته والتوقيع على هذا الاتفاق بمدينة الصخيرات برعاية وضمانة دولية، وتم اعتماد الاتفاق بقرار من مجلس الأمن.. ولم يكن للحضور الليبي أي رأي في ذلك أو تأثير..

- مؤتمر باليرمو باختصار هو روما3.. أي استكمالا لروما 1 وروما2.. وهو سيرسم معالم المرحلة الأخيرة ووضع تصور لشكل الدولة والسلطة وفق قراءة ورؤية وطموحات منظميه، دون أن يكون للحضور الليبي فيه أي دور غير المشاهدة والايمأة بالراس.. فمعظم الحضور والمدعوّين لا يمثلون مشروعا أو ثقلا سياسيا حقيقيا على الارض .. ويفتقرون إلى أوراق الضغط، والقدرة على التأثير والرفض..

هذا هو الواقع.. فهل نستسلم له؟ أم نحاول تطوير أدواتنا لاكتساب القوة اللازمة من أجل تغيير موازين القوى وفرض احترامنا؟

المشروع هو كلمة السّرّ..

وما علينا إلا العمل الجاد من اجل مشروع وطني ليبي وتفعيل قوة الشارع لإعادة الملف الليبي إلى أهله وإنقاذه من براثن التدويل. وللحديث بقية؟

مقال منقول...