معجزة صناعة الدستور العرفي التباوي-؟



======================

منذ أن خلق الله الإنسان , وجعله خليفة على أرضه ,بدأ يبحث عن نهج العلاقة التى تربطه بأخيه الإنسان, وتربطه بالكيان الاجتماعي الذي ينتمي إليه, حيث استنبط أشكال عدة لهذه العلاقة, فبالاضافة الى العلاقة الاجتماعية التي تربطه باسرته المتمثلة بعلاقة الابوة والاخوة والأمومة ,أوجد علاقات أخرى تربطه بمجتمعه الكبير والتى تعتمد بالأساس على العادات والتقاليد والدين والأعراف الاجتماعية التي اكتسبها من مجتمعه.

تاريخيا ،الأعراف الاجتماعية, لعبة دورا مهما في صياغة قوانين الحياة والتي عرفت لاحقا ب " الدستور".والتى أحد أنواعها هو "الدستور العرفي"--والدستور العرفي هو مجموعة القواعد والقوانين الموروثة والمتعارف عليها في مجتمع ما , والتى تستند على العادات والتقاليد والدين ,والمتفق عليها من قبل أفراد هذا المجتمع ,والدستور العرفي في الغالب لا يكتب, ولكنه يحفظ عن ظهر قلب في عقول أفراد هذا المجتمع وينقل شفويا من السلف الى الخلف؟ويتميز بأنه يسري في المجتمع دون الحاجة إلى تدوينه رسميا.

ال -كتبا –أو توغي, أو كوندوداي —هو الدستور العرفي التباوي ,وهو شكل من أشكال , الدساتير العرفية الشفية والتى تستند على عادات وتقاليد المجتمع التباوي والمكتسبة على مر التاريخ والتي شكلت وكونت شخصية الإنسان التباوي , حيث اكسبتها حصانة مجتمعية واعتراف مجتمعي؟

ولد هذا الدستور في ظروف استثنائية, وفي وقت كان كل شيء يوحي بعدم إمكانية ولادته ,في ظل صراعات قبلية ,و عصبية عشائرية , وغياب كيان الدولة , وثقافة الغزو والنهب التي تحرك عجلة الاقتصاد في بادية التبو ,ولد هذا الدستور والذي تجاوز عمره الان قرن ونيف , في مجتمع وجغرافيا كان يتمتع بحصانة ضد النظام والمدنية والاستقرار وكانت الفوضى هو العنوان – فكانت ولادته معجزة بحق—--

اجتمع منذ ما يزيد عن مائة وثلاثين عاما ,مشايخ ووجهاء وأعيان ستة وثلاثين قبيلة وازدادوا سبعا من ذوي العقل الرشيد ,والفكر الحصين من قبائل التبو فى تبستي وقرروا وضع حدا,لمشاكل مجتمعهم وذلك بتأسيس وإنشاء دستور اعتمد على أعرافهم وتقاليدهم وموروثهم الاجتماعي الموغل في القدم وقد سمى هذا الدستور " كتبا أو توغي او كوندوداي "--وهو دستور عرفي يجمع قواعد وقوانين عرفية لحل النزاعات , والفصل في الخصومات , فى امور الدية و الجواز والطلاق –التزم الجميع بهذا العرف الغير مكتوب, والدي حفظ عن ظهر قلب فى عقول كل شيوخ قبائل التبو وشكلت بموجبه محاكم ومجالس قضاء عرفية لا زالت تعمل حتى تاريخ اليوم , ولازال القضاء العرفي التباوي يعمل رغم قيام الدولة في المناطق التي يتواجدون بها, والتبو لا يحبدون حل منازعاتهم عن طريق قوانين الدولة الوضعية إنما يحتكمون إلى قضائهم العرفي–{ الكوندوداي} , وكثيرا ما لجأ بعضهم من الدول التي يتواجدون بها إلى مجلس القضاء الأعلى في تبستي للحكم والفصل فى الخصومة في حال عجزوا عن حلها فى مناطقهم, أو لم يقبل أحدهم الحكم فأراد استئناف الحكم لدى مجلس القضاء الأعلى عند سلطان التبو فى تبستي.

يقال ان هدا الدستور كتب ودون باللغة الفرنسية ايام الاستعمار الفرنسي لتشاد , وهى النسخة الموضحة بالصورة -؟- لا احد يعلم اين توجد هده النسخة ))--قال لي احدهم انها فى متحف اللوفر فى باريس ---على سبيل المزاح؟

الجيد فى الامر ان مشايخ التبو يحملون بنود هدا الدستور فى ذاكرتهم , ويتم تورارثها عبر الاجيال دون حدف او تغيير فى بنوده---

الكاتب --محمد طاهر