.
(قصة قصيرة مستقاه من واقع أليم )...
الرابش باللغة العامية الليبية هو مكان تجميع الخردة من السيارات ..والآليات..والا جهزة والادوات المنزلية المنتهية الصلاحية من الثلاجات والغسالات وما فى حكمها، و التى بالعادة تجمع فى الخلاء خارج الأحياء السكنية فى المدن. وهو مكان مهجور بالعادة لا يرتاده احد من البشر الا المشتبه بهم من المجرمين من أصحاب السوابق " السكرجيه ، والحشاشين، والقتلة الذين يريدون التخلص من جتت قتلاهم أو من آثار جرائمهم ؟
يعتبر الرابش بيئة مناسبة لتجمع الكلاب الشاردة والقطط الغير اليفة والجردان حيث تعيش وتتكاثر بعيدا عن بنى الانسان و دون أن يتصيدها الفضولين من بنى البشر..
الطريق الى مزرعة الحاج فضيل كان لابد أن يمر بالرابش ، حيث أصبح مكان الرابش احد العلامات الدالة على اتجاه وعنوان مزرعة الحاج ...
خرج الحاج فضيل ذلك اليوم من بيته بعد صلاة الفجر قاصدا مزرعته وعلى غير العادة لم يحضى فى الطريق بترحيب ذلك الكلب الشارد والذى كان يلتقيه كل يوم هازا ديله طمعا فيما تعود عليه من عطايا من بقايا الطعام والعظام والتى كان الحاج فضيل يحضرها له من بيته مع فجر كل يوم تقريبا ؟ ولم يكسر اصوات نباح الكلاب الشاردة و التى تعود الحاج فضيل على سماعها فى مثل هذا الوقت من سكون الفجر فى ذلك اليوم الا انين وصراخ طفل حديث الولادة كان صوته قد اخترق سكون ذلك الفجر حتى وصل مسامع الحاج فضيل فتوقف باحثا عن مصدره ...حيث قاده الفضول فى خطى متثاقلة وفى تردد يشوبه الحذر للبحث عن مصدر ذلك الصوت باتجاه الرابش .
وكان كلما اقترب من الرابش كلما ارتفع صوت صراخ الطفل أكثر...هناك وعلى بعد أمتار كانت المفاجأة طفل حديث الولادة لف فى غطاء وقد اللقىء على كرسي إحدى سيارات الخردة وكان كلب الرابش ومجموعة من الكلاب الشاردة تحيط بالطفل وتصدر انين ونباح متقطع وكأنها تواسى ذلك الطفل فى مصابه...
هرع كلب الرابش باتجاه الحاج فضيل حين اطل على الموقف هازا ديله وكأنه فى حيره من امره ما لبث أن عبر عنها فى نوبة نباح متواصل وكأنه يشتكيه من هول ما رأه...ولم ينتظر رد فعله بل سارع أمامه وكأنه أراد ارشاده إلى مكان الطفل.
صدم الحاج فضيل من المنظر واخد يردد لا حول ولا قوة الا بالله...انه طفل برىء ...يا الله ...انه طفل برىء...وكلب الرابش وبقية الكلاب الشاردة من حوله تهرول وقد زادت من وتيرة نباحها وكأنها تحتج لديه وتشكيه و لسان حالها يقول " كيف يفعل أبناء جنسك هذا الفعل و التى نأنف نحن الكلاب على فعله؟
حمل الحاج فضيل ذلك المولود بعد ان لفه جيدا فى غطائه وسار به عائدا نحو منزله والكلاب الشاردة تنبح وراءه وكانها تسير فى تظاهرة احتجاج ضد أفعال بنى البشر ؟