اذا تجولت فى صحراء ليبيا , وقادك القدر جنوبا وانت تغادر الاراضى الليبية الى النيجر ,فلابد ان تمر بقرية فى اقصى الجنوب الليبى تحيطها كثبان الرمال من ناحية الغرب وتحدها سلسلة من الجبال من ناحية الشرق , وبين كثبان الرمال وسلسلة الجبال تقع قرية تجرهى ودلك على بعد 75 كم من قرية القطرون حاضرة وادى الحكمة .
اسم تجرهى ليس هو الاسم المتعارف عليه عند قبائل التبوالتى تسكن المنطقة, فاسم القرية هى" تزرووا" كما تنطق باللغة التباوية واسم" تزرووا" يقال انها اشتقت من كلمة تزروا وتعنى فى اللغة العربية "التجارة". قديما عندما كانت قوافل الابل تعبر الصحراء للتجارة من النيجر وتشاد الى ليبيا والعكس, كانت تجرهى محطة رئيسية ونقطة مهمة للعبور الى الشمال حيث تقع مدينة مرزق والتى كانت مركزا تجاريا كبيرا فى دلك الوقت.
قرية تجرهى تمتاز بكثافة نخيلها وعذوبة ماءها وطيبة اهلها..وهى جوهرة الصحراء التى تدل الداهب ليجد سبيله,و تستقبل الضمآن ليسد ضمأه و تطعم الجائع الذى انهكه السفر,ليسد رمقه.
تمتاز تجرهى بمعالم تاريخية مهمة لم تنال حقها من البحث والثوتيق , هناك فى شمال القرية توجد اطلال لقصر قديم تسمى "توكى فراه" والكلمة تتكون من توكى وتعنى الحجر وفراه وتعنى الخلاء والترجمة تعنى المبنى الذى فى الخلاء ,والمنطقة لم تكن خلاء فى غابر الازمان بل كانت منطقة سكنية عامرة بالسكان.والقصر القديم كان مقرا للحاكم الايطالى ابان الاحتلال الايطالى للجنوب الليبى.
وهناك فى جنوب تجرهى تجد اطلال قلعة كبيرة تحيط بها مساكن اثرية قديمة وهى تجرهى القديمة قبل استحداث القرية الجديدة ...انها قلعة الحاكم الايطالى ..هده القلعة كانت شاهدا على معارك تاريخية بين فرنسا وايطاليا فى الصحراء الليبية..ودلك عندما اجتاحت فرنسا الجنوب الليبى عبر صحراء تشاد لتصل الى تجرهى قبل ان تزحف بقواتها شمالا الى سبها.
وهناك الى الجنوب من القرية الاثرية القديمة توجد مقابر للجنود الايطاليين والدين قضوا فى معارك الدفاع عن القلعة ضد القوات الفرنسية ,هده المقابر كانت الى زمن قريب مزارا لبعض السواح الاجانب المهتمين بدراسة تاريخ الاحتلال الايطالى للصحراء الليبية.
ومن المعالم الاثرية بقرية تجرهى وجود بعض الاضرحة لمن يعتقد بانهم من الاولياء الصالحين فى جنوب القرية حيث تعتبر مزارا للعامة من الناس من اهل القرية او من خارجها.
فى الجنوب من تجرهى توجد شجرة تسمى"تارى" وهى شجرة صحراوية شوكية ودات اوراق صغيرة,هده الشجرة كانت مزارا فى مناسبات الاعراس والتى تشهدها القرية حيث تنطلق مواكب الافراح بالغناء لتلف هده الشجرة قبل ان تعود الى القرية وهى من العادات والطقوس القديمة والتى لم تعد تمارس الآن.
بالشرق من قرية تجرهى تقع منطقة اللويغ وهى على بعد 40 كلم وتسمى باللغة التباوية "دومزه" وكلمة" دومزه" تعنى شجرة الطلح وهو نوع من الاشجار الصحراوية التى تكثر بالمنطقة, وهى منطقة شبه عسكرية وغير آهلة بالسكان,وتعتبر نقطة عبور حدودية بين تشاد والنيجر وليبيا.
قرية تجرهى تم دكرها فى العديد من كتب الرحالة, والدين عبروا منها الى تشاد والى النيجر حيت وصفت بأنها قرية نائية بالجنوب الليبى , ومنطقة تواصل بين ثلاث دول وملتقى للقوافل.