*****************************
الطبقة الاجتماعية ..هى مجموعة من الناس تتشابه قيمهم الاجتماعية من خلال المكانة الاجتماعية والتى يشغلونها فى نسق التدرج الطبقى ويتحدد وصفهم الطبقى فى ضوء متغيرات الدخل والقوة والمهنة واسلوب الحياة والوعى الاجتماعى وتقييم اعضاء المجتمع لهم.
ما يميز هده الطبقة عن بقية المجتمع هو الاستحواد على نفود او ميزات او امتيازات لا تتوفر لبقية اعضاء المجتمع نتيجة الموروث الثقافى او المادى . ارتبطت الطبقة الاجتماعية تاريخيا بمرحلة الاقطاع ولكنها سادت حتى بعض المجتمعات البدوية حيث اتخدت اشكال ومسميات اخرى .
مجتمع التبو ليس مجتمعا طبقيا بالمفهوم السياسى ولا حتى الاجتماعى بشكل مطلق ولكن لم يخلوا هدا المجتمع المنغلق من بعض مظاهر الطبقية والتى اعتقد انها انتقلت اليها من بعض المجتمعات والتى عاشت فى محيط مجتمع التبو.
فى القرن الماضى كنت فى زيارة لحضور مناسبة فرح لاحد الاصدقاء فى احدى اقاليم التبو حيث استمتعت بكل مظاهر الفرح من غناء ورقص وسط اجواء مفعمة بالفرح ...كان ذلك الرجل الاربعينى يضرب على الطبل والدى تدلى من على رقبته ويغنى بصوت عالى يمجد العريس وافضاله والنسوة يرقصن من حوله على انغام ايقاع طبله والشباب وبعض النسوة يلقون بكم هائل من النقود على رأسه وكلما وضع احدهم نقودا ارتفع صوته غناءه وازداد ايقاع طبله, ورغم اننى لم افهم كل مقاطع غناءه الا اننى استمتعت بالايقاع والرقص. وعند انتهاء مراسم الغناء اقتربت منه وسألته مند متى وانت تغنى وكيف تنسج الكلمات بهذه السرعة, وحيث اننى لا اشبه العامة من ابناء التبو فى لباسى وطريقة جلوسى ادرك الرجل باننى ضيف واننى لست من المنطقة فوجد عذرا من الاقتراب منى وشرح ما كان يتغنى به واضاف بانه يمارس هذه المهنة والتى ورثها ابا عن جد مند كان شابا, استمتعت بالحديث معه وقد اخدنى الفضول لمزيد من الاسئلة الا ان وقت العشاء كان قد حان وقدمت لنا وجبه طعام فاخرة وهم الجميع بالجلوس حول الوجبه ..واعتدر منى الرجل للمغادرة فما كان منى الا امساكه من يده وطلب الجلوس معنا لتناول وجبه العشاء على عادة وتقاليد التبو, ولكنه اعتدر بقوة وغادر المجلس متجاهلا اللحاحى عليه؟
أحد افراد العائلة اقترب منى ضاحكا وسألنى كيف تطلب من الدودى (الدودى باللغة التباوية تعنى الحداد وهو الانسان الدى يمتهن مهنة الحدادة لكسب قوت يومه) للجلوس معنا للأكل؟ سألته لماذا وما الغريب فى الأمر ...فقال انت تباوى عشت خارج مجتمع التبو ولا تدرك عاداتنا وتقاليدنا وهذه مشكلة؟
فى الموروث الثقافى التباوى يعتبرون الحداد انسان من طبقة دونية واقل مرتبة من الانسان التباوى ويعتقدون انه مخلوق لخدمة الحدادة والغناء فقط لصالح مجتمع التبو...لا يزوجونه, ولا يأكلون معه , ولاتقبل شهادته؟
شريحة الحدادين وشريحة الزنوج والذين عاشوا فى مجتمع التبو مند قديم الزمان وارتبط مصيرهم بمصير مجتمع التبو تقاسموا معهم هموم الحياة وشاركوا فى بناء مجتمع التبو لا زالوا يعاملون كشريحة دونية , والغريب فى الامر ان مهنة الحدادة والغناء لا يعاب عليها فى المجتمعات الاخرى من قبل الانسان التباوى؟
وتتجلى هذه الظاهرة بوضوح مثلا... بمنع الزواج من فتاة لأن والدها حداد او مغنى؟ واذا تقدم ابن الحداد لخطبة فتاة تباوية الاصل يعتبر ذلك اهانة للعائلة وقد يؤدى دلك الى قتله؟
انها الجاهلية ادا..والتى ترسخت لعقود من الزمن فى وعى الانسان التباوى رغم اعتناقهم لعقيدة الاسلام والدى جاء يساوى بين الناس؟
هذه الظاهرة ليست بالمطلق وليست عامة بحيث يلاحظها من لا ينتمى لمجتمع التبو ولكنها ظاهرة مستترة تحت غطاء عادات وتقاليد مجتمع التبو؟
العادات والتقاليد المنافية للدين والعقل والتى نمت وترعرعت فى بعض مجتمعات البادية وشربت من موروثها الثقافى لا يمكن ان تنتهى لمجرد رفضها من .بعض العقلاء ولكن الزمن دائما يتكفل بعلاجها على طريقته.