مند ان بدأ نظام المشيخة عند قبائل التبو قبل ما يزيد عن مائة سنة , لم يقابل هذا النظام الاجتماعى التقليدى تحديا مثلما تواجهه الان , فالعادات والتقاليد والاعراف فى كل المجتمعات البشرية تواجه جائحة الحداثة بما تحمله من مفاهيم عصرية جديدة , ان مفاهيم حرية الرأى والديمقراطية و حب التغيير والخروج عن المألوف و الماضي اصبح سمة العصر وظاهرة تجتاح المجتمعات المغلقة كالمجتمع التباوى , وعليه لا غرابة من ان يخرج احد ما فى هذا المجتمع ليعلن عن رفضه التقليد والسير على خطى السلف فى العادات والطقوس الاجتماعية ويعلن عن نفسه كتنظيم ، او كجسم موازي لمشيخة التبو التقليدية ، فالمجتمع التباوى لم يصبح المجتمع الصحراوى البدوى المطيع الذى نعرفه والذي يمكن ان يقاد برأس تقليدي واجتماعي واحد ؟
سؤال : هل تتعرض مشيخة التبو التقليدية الى تصدع وانشقاق؟
تعاقب على سلطنة التبو فى تبستى ومند اعلانها رسميا 18سلطانا , اختلفت شخصياتهم , واعمارهم , وتجاربهم , وتحديات مراحل حكمهم ,وعليه ليس من الانصاف الحكم عليهم بمقياس الحاضر وسنترك للتاريخ تقيم اداء كل واحد منهم , ولكن يكاد الجميع يتفق على ان مرحلة حكم السلطان شهاى بقر هى معيار يجب ان لا يتجاهله كل من يريد تقييم سلطنات التبو التاريخية , فالرجل كانت له كريزمة وقيادة وقوة شخصية ندر ان توفرت لمن اتى بعده .
لا اعلم ان كان هناك نص دستورى عرفى يقر ان تكون هناك سلطنات فرعية لقبائل التبو فى كل من النيجر وليبيا وتشاد يكون على رأسها سلطان ام ان الامر هو مجرد اجتهاد تولى بموجبه من هم على رأس المشيخة فى هذه الأقاليم السلطنة ؟ بمعنى آخر هل للسلطان العام فى تبستى الولاية على سلاطين الاقاليم الثلاثة ؟
السؤال هنا ذى مغزى و سننطلق منه الى اسئلة اخرى ذات اهمية ,وهى: اذا كانت مشايخ وسلاطين النيجر وليبيا يتبعون السلطان العام فى تبستى , ذلك يعنى ان كل مشكلة فى هذه المشيخات ينبغى للسلطان العام فى تبستى التدخل لمعالجتها ؟ اما اذا كانت التبعية هى مجرد تبعية اخلاقية وادبية ,عليه لا يلام على السلطان العام الا بالمنطق الاخلاقى والادبى؟
ثم ان منطق الجغرافيا والسياسة يلعب دورا فى الثأتير على مهام سلطان التبو العام مقارنة بالماضى , ففى الماضى لم تكن الحدود والحواجز ولا السياسة تلعب دورا فى تحديد مهام السلطان وتنقله ضمن حدود هذه الاقاليم , اما الان فقد اصبحت الاقاليم دول وحدود وعلاقات سياسية ربما تؤثر فى اى دور يأمل السلطان القيام به خارج حدود دولته؟
اذا استثنينا كل هذه العوامل فهل شخصية اي سلطان حالي فى تبستى يملك الكاريزما والسلطة والشجاعة للتدخل فى مشكلة الصراع على مشيخة التبو فى الاقاليم الثلاثة او حتى الصراع على مشيخة التبو العام والذي نشهد فصوله الآن ؟
فى تقديرى ان مشكلة الصراع على السلطة السياسية والاجتماعية على مشيخة التبو , اكبر واعقد من قدرات أي سلطان نظرا لتغير المفاهيم والمعرفة والسياسة وحتى التغيرات الاجتماعية التى شهدها الجسم التباوي فى الاقليم المختلفة ؟
لان المشكلة فى شقها الرئيس لها علاقة بتحولات المجتمع التباوي السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، هذه التحولات لم يقابلها تحول في اهداف وآليات عمل نظام المشيخة ، مما أدى إلى تكلس المشيخة وجمودها ، لهذا نشاهد محاولات تجاوزها ، حتى وان كانت هذه المحاولات، هى الاخرى تفتقد الرؤية والاهداف والآلية...
وهذا ما يحصل حتى على مستوى مشايخ الاقليم الثلاثة من صراع على السلطة.
الحاج ارزى بقر -تشاد
المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب ر