إنّ العجز عن (قراءة الحروف) يدعى في اللغة باسم الأمية، وهي ظاهرة لا علاقة لها بالجهل رغم أنها تولد أحياناً بمثابة نتيجة مباشرة لتفشي هذا المرض في البيئة. القراءة قدرة ميكانيكية مكتسبة وليست نشاطاً عقلياً من أي نوع، والعجز عن القراءة مجرد افتقار إلى قدرة ميكانيكية وليس افتقاراً إلى نشاط عقلي من أي نوع أيضاً. إن القراءة (كلام مدرب)، والفرق بين المواطن القادر على فهم الرموز مباشرة وبين المواطن الذي يحتاج إلى السماع مجرد فرق في الوسيلة وحدها.
إننا لا بد أن نعود أنفسنا على احتمال هذه الحقيقة المثيرة لكي نتعرف على طبيعة مشاكلنا، ونكتشف أعراض المرض وراء القناع. فالجهل لا يفقد أظافره بمجرد أن يتعلم المرء كيف يلوي لسانه باللغة الفصحى، ويتسكع في الشوارع متأبطاً كتبه المهيبة المظهر. الجهل حالة عقلية خاصة لا يمكن استبدالها إلا بحالة عقلية أخرى.
تحية طيبة وبعد
الصادق النيهوم