ما حدث في تشاد عام 1979 نفس ما يجري في السودان الان

ل تعلمون أنه حدث في تشاد عام 1979 نفس ما يجري في السودان الان وساعدتنا نيجيريا في حل الأزمة. سأسرد لكم قصة مؤلمة حدثت في تاريخنا السياسي التشادي عندما استبيحت العاصمة أنجمينا دون رحمة ولا شفقة وتم تهجير سكان العاصمة إلى مدينة كُسري الكاميرونية وإلى ولاية بورنو في نيجيريا .

البداية كانت في عملية تصالح حدثت بين الرئيس فليكس مالوم مع قادة فصائل المعارضة، كان قادة فصائل المعارضة شخصيات مسلمة أنشأوا ثورتهم ضد استفراد الرئيس التشادي تمبلباي بالسلطة عام 1966 تألقت الثورة وسافرت الحكومة التشادية بقيادة مالوم إلى لاغوس والخرطوم لحل الأزمة التشادية المعقدة

أجمع قادة المعارضة التشادية في قمة الخرطوم على عدم المصالحة مع نظام الرئيس مالوم الذي قدم تنازلات كبيرة مقابل بقاءه في الحكم. فمالوم تعد له اليد الطولى في عملية اغتيال أول رئيس لتشاد فقد ذهب تمبلباي إلى القبر قتيلا وجاء مالوم من السجن حاكما ورئيسا عام 1975

كان أحد قادة المعارضة قد درس في السوربون ويؤمن بنظرية الواقعية السياسية ويملك فصيلاً عسكرياً قوياً اسمه ( حسين حبري بوشلامي) أصبح فيما بعد رئيسا للجمهورية عام 1982 خالف حبري الذي يقود قوة عسكرية ثورية غير نظامية أقرانه في المعارضة، ووقع على اتفاقية الخرطوم وعاد إلى أنجمينا

أصبح حسين حبري بعد توقيع اتفاقية الخرطوم رئيساً لوزراء تشاد، وذلك أكبر إنجاز يحققه المسلمون في تشاد، و أصبح الرجل الثاني في الدولة ومُنح صلاحيات واسعة جدا والأجمل من كل ذلك أصبح حسين حبري أول مسلم شمالي يتقلد منصب رئاسة الوزراء .

لدينا الان في تشاد رئيس جمهورية اغتال سيده الذي وثق به بدعم فرنسي من الجنوب اسمه ( مالوم ) ولدينا رئيس وزارء طموح يفتعل المشاكل ويرفض دمج قواته مع الجيش النظامي ويستفز الحكومة بخطاباته ولغته الفرنسية المتعجرفة اسمه ( حبري ) الدولة على كف عفريت والمسلمون يتخندقون مع حبري

بدأ الحبل ينفرط والمعارضة تشاهد الفيلم التراجيدي، أصر حبري على إدخال اللغة العربية في الراديو وجعلها رسمية لتقوية الحضور الإسلامي وافق مالوم على طلبه وبثت الإذاعة الوطنية التشادية لأول مرة عام 1978 الأخبار باللغة العربية. كان حبري يستحقر مالوم لأنه لا يفقه في السياسة شيئاً .

طار مالوم في أواخر ديسمبر 1978 إلى الصين، فكر حبري كثيراً في الانقلاب لكن قادة الجيش من الجنوب يكنون الولاء المطلق لمالوم والاستخبارات الخارجية الفرنسية تعقد الأمل على مالوم الذي يحمل الجنسية الفرنسية وشارك بكل بسالة في الحرب الفرنسية على فيتنام إنه فرنسي بقلب تشادي.

عاد مالوم من الصين وتفاجأ بعدم حضور رئيس الوزراء حبري إلى مطار انجمينا الدولي لاستقباله وتهنئته بالسلامة. رأى مالوم أن حبري قد تمرد عليه بهذه الخطوة وتأكد من التقارير الاستخبارية أن حبري يريد به شراً فسارع إلى حشد الجيش التشادي وطوق المباني المهمة بما فيها قصر الرئاسة والإذاعة

سارع حبري في حشد قواته وتمركز شرق العاصمة وشمالها واستعان بالفقهاء والدعاة للترويج إليه . بدأت شرارة الحرب بتاريخ 12 / فبراير / 1979 بمشاجرة حدثت في مدرسة مشهورة في العاصمة أنجمينا يطلق عليها ثانوية فليكس ايبوي عندما صفع طالب مسلم شمالي فتى مسيحي جنوبي لم يدر الفتى خده الأيسر

بل أعاد له الصفعة ونشب شجار عنيف بين الطلاب الشماليون وقفوا مع ابنهم والجنوبيون نصروا فتاهم . لم تمض بضعة دقائق حتى دخل رتل من قوات حبري ثانوية فليكس ايبوي وفتحوا النار على الجنوبيين . وبحلول الظهيرة تحولت العاصمة انجمينا إلى ساحة ساخنة بين قوات مالوم وحبري استمرت تسعة أشهر

الذين نزحوا إلى الكاميرون ونيجيريا لأن الحرب كانت في انجمينا فأقرب منفذ حدودي هو منفذ كسري الذي يقودك إلى الكاميرون اعتقد المتضررون أن الحرب ستستمر لأسبوع ويعود بعدها الأمن والأمان لكن خابت توقعاتهم بعدما دخلت شهرها الرابع . المعارضة المسلمة ترسل أفرادها دعما لحبري

والجنوبيون يقتلون أي مسلم في مناطقهم وعلى الرغم من الآلام التي حدثت، لم يقتل الجنوبيون طفلاً ولا امرأة بل كانت مشكلتهم مع الرجال البالغين الذين بإمكانهم حمل السلاح تحولت مدينة مندو وسار في الجنوب إلى بركة دماء واستمرت فرنسا بدعم العملية القذرة وتقديم الأسلحة حتى يقتل بعضنا بعضا

فطن النيجيريون إلى مغبة الحرب في تشاد ودورها في تعطيل التنمية والإصلاح على نيجيريا. استضافت لاغوس مباحثات طويلة نجم عنها تشكيل حكومة قونت وتم نزع السلاح وبعد أشهر قليلة من توقيع الاتفاقية صدر أجمل قرار وطني عرفناه في حياتنا وهو إجلاء القوات الفرنسية من تشاد

لم تستطع حكومة قونت القيام بمهامها وفشلت في إدارة الأزمة لكنها أوقفت فتيل الصراع وبعد مدة وجيزة تحول الحكم من الجنوب المسيحي إلى الشمال المسلم بوصول قوات الرئيس قوكوني ودي إلى أنجمينا عام 1980 الجارة النصوحة نيجيريا فعلت ما بوسعها لكننا اخترنا السلاح والقوة على الديموقراطية

الحوار والمباحثات الصادقة وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية هي التي تقودنا إلى بر الأمان . لدينا نموذج يشبه نموذج سوار الذهب في السودان لرجل يعرف ب لول محمد شوا في خضم الأزمة تنازل عن السلطة وقدمها للفرقاء السياسين حتى يختاروا رئيسهم دون تعنت بقي 3 أشهر في السلطة وتركها