مظلمة أقلية التبو في تقرير بعثة تقصي الحقائق لدى ليبيا؟


===================================

بعد الاطلاع على تقرير البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا والتي تجاوز عدد صفحاتها 20 صفحة , والذى صدر فى 31-مارس -2023 والذي شمل الأوضاع الأمنية والحقوقية في ليبيا , حيث خلصت فيه البعثة إلى الاعتقاد بوجود أسباب معقولة بأن هناك جرائم ضد الإنسانية قد ارتُكبت بحق الليبيين والمهاجرين في إطار حرمانهم من الحرية في جميع أنحاء ليبيا. بعد الاطلاع على فحوى التقرير يجب ان يتم قرائته بدقة و بعقل متفتح آخذين فى الاعتبار كل الاحداث التى مرت بها ليبيا منذ سنة 2011م وذلك على النحو التالي:

1- يجب الوقوف على المصطلحات التي استعملت في هذا التقرير , والتى تشمل في كثير من الأحيان عبارات فضفاضة قابلة للتأويل والتفسير فى عدة اتجاهات؟

2-بعثة تقصي الحقائق لذى ليبيا هى بعثة كُلِّفَت عملاً بقرار مجلس حقوق الإنسان رقم 50/L.23. وقد أُنشئت البعثة لتُوثِّق، بطريقة مستقلة ومحايدة، الانتهاكات والتجاوزات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني التي ترتكبها جميع الأطراف المتنفدة في ليبيا منذ بداية العام 2016…وهي بذلك لا تختلف عن بقية لجان الامم المتحدة والخاضعة للتجاذبات السياسية بين اعضاء المنظمة الدولية ؟

3-يجب أن لا تغيب عن أذهاننا بأن.... "الحقيقة" مهما كانت مرغوبة إلا أنها تظل نسبية وطريقة البحث عنها خاضعة فى كثير من الأحيان لمقاييس وأدوات بشرية وسياسات مكانية وزمانية؟

4-كما لا يجب أن يغيب عن أذهاننا , بأن الاقليات العرقية فى جميع انحاء العالم, وعند تعرضها للظلم والإقصاء,من قبل الحكومات والأطراف ذات النفوذ ,يتم استغلال هذه المظلمة من أطراف خارجية لخدمة أجندات؟ ,والبعثات التي تأتي باسم الأمم المتحدة للتحقيق أو جمع الاستذلال , لا تخلو تقاريرها من أغراض سياسية.

5- يعتبر هذا التقرير الرابع من نوعه للبعثة , علما بأنه كانت هناك 3 تقارير منذ سنة 2016م ,وهى تقارير ترسل الى مفوضية حقوق الانسان , وبقية دوائر الأمم المتحدة ذات الشأن, ولا يجب أن يؤمل عليها كثيرا في اتخاذ قرار,ولكن قد تكون لها فائدة معنوية لمن طاله الظلم؟

على ضوء هذه النقاط التي ذكرت أعلاه,يجب قراءة التقرير وما يهمنا نحن كأقلية عرقية , هو ما ذكر بشأن التبو من معلومات ؟…حيث ركز التقرير على أحداث مرزق سنة 2019 م,وما تعرض له التبو من قتل وتنكيل وتهجير من قبل جيش قوات الكرامة و المدعومة بالمليشيات المسلحة من…" البعض…" من قبيلتي أولاد سليمان , وقبيلة الزوية كما جاء بالتقرير ,لقد نسى التقرير فى اجزائه أو تناسى المليشيات الأجنبية الداعمة لها؟..التقرير فى مجمله جاء بأسلوب توصيفي للأحداث التى وقعت فى مرزق, بمعنى أسلوب سردي كما جاء على لسان الشهود, وهذا الأسلوب هو أسلوب إنشائي لا يخدم قضية المظلمة التي تعرض لها التبو بشكل ممنهج من قبل الأجهزة التنفيذية بالدولة التي دعمت الميليشيات , الا ان التقرير اوضح بشكل واضح مسؤولية قوات الكرامة على ما ارتكب من جرائم انسانية فى مرزق بحق التبو … نقتبس من التقرير " أثبتت الأدلة التي حصلت عليها البعثة وجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن القوات المسلحة العربية الليبية والجماعات التابعة لها قتلت بعض الأفراد من جماعة التبو في شباط/فبراير 2019 وبأن القتال أدى إلى حالات من التشرّد. غير أن البعثة لم تتمكن من التحقق من العدد الدقيق للضحايا وظروف مقتلهم." ونقتبس من مكان آخر…. "وجدت البعثة أيضاً أن المنازل والممتلكات العائدة لجماعة التبو، وتشمل مئات السيارات، قد دُمرت ونُهِبت في غضون الأيام الأولى لدخول القوات المسلحة العربية الليبية والجماعات التابعة لها إلى مرزق. بالإضافة إلى ذلك، أثبتت البعثة اختفاء ما لا يقل عن عشرة أفراد من جماعة التبو في شهر شباط/فبراير أو حواليه؟

تجاهل التقرير مجزرة مرزق التي راح ضحيتها ما يقارب 40 من أبناء التبو من قبل طيران قوات الكرامة , رغم وضوح الأدلة ووجود الشهود,

كما قلنا منذ البداية أن تقارير البعثات الاممية والدولية تكتب بالعادة بأسلوب وصفي انشائي, وتتضمن عبارات حمالة أوجه يمكن تأويلها في أي اتجاه, وتمرر في التقرير أفكار قد لا تمت للمجتمع بصلة ومثال ذلك ما جاء فى توصيات هذا التقرير مقتبس …" حماية وتعزيز حقوق المرأة والأقليات والأشخاص من مختلف الميول الجنسية والهويات الجنسانية ونشطاء المجتمع المدني والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وتشجيع مشاركتهم في الحياة السياسية والعامة"..عبارة الميول الجنسية والهوايات الجنسائية …لماذا تضمين هذه العبارة ضمن هذه الفقرة من التقرير وما الغاية منه؟تم لم يذكر التقرير أي حادثة بشأن ( الميول الجنسية )؟

لقد اطلعت على بعض الردود على هذا التقرير فى وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة من بعض الأشخاص دفاعا عن قبائلهم التي ذكرها التقرير , وخلصت الى حقيقة مفادها ان هؤلاء يتخوفون من جر ابنائهم الى الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب ,ويتهمون التبو بذلك وهم ربما لم يدركوا حجم المصاب الذي وقع على ابناء التبو من قتل , وتنكيل وتهجير , وإخفاء قسري حيث لازال 10 من أبناء التبو لا يعرف لهم أثر مند احداث مرزق.

عندما يأتي جيش جرار من عرق واحد بعدته وعتاده وطيرانه , مدعوم من قبل مليشيات قبلية واجنبية من عرق واحد ضد أقلية عرقية ضعيفة لا تستطيع الدفاع عن نفسها , تقتل وتنكل وتهجر وتسرق لم تراعي فيهم الا ولا ذمة ؟...هذا انتهاك صارخ لحقوق الانسان, التى بنيت عليه الامم مبادئ الامم المتحدة؟

الخلاصة:

لابد للعدالة ان تأخد مجراها , والاولوية للعدالة المحلية قبل العدالة الدولية و قبل ان نتكلم عن المصالحة الوطنية ,وعلى كل من تورط فى هذه الجرائم الانسانية يجب ان ينال العقاب العاجل ,اقلية التبو لا تعادي احدا لمجرد انتمائه القبلي, وتكن كل احترام وتقدير للقبائل التى ذكرها التقرير, ولكن الاشخاص الشاذين الذى استغلوا اسماء قبائلهم للقيام بجرائم لابد من جلبهم لساحة العدالة.

تباوي- ودبلوماسي سابق