في قضاء الزبير جنوب محافظة البصرة يستوطن قرابة 300 ألف نسمة من أصحاب البشرة السمراء، حيث يتخذون من القضاء مركزاً لهم فيما ينتشرون في باقي محافظات العراق بأعداد قليلة جداً.
ما يزعج أصحاب البشرة السمراء في العراق ذلك التمييز الذي يشعرون به حينما يطلق عليهم باقي السكان كلمة “العَبيد” التي تثير حفيظتهم وتجعلهم يشعرون باحتقار الآخرين لهم على النقيض تماماً من موقفهم حينما يسمعون كلمات مثل “أبو سميرة” و”الخال”.
منظمة “انصار الحرية” المعنية بحقوق أصحاب البشرة السمراء في العراق، التي تأسست عام 2009، لم يكن لها خلال الأشهر الماضية أية نشاطات مثل تلك التي كانت قبل مقتل مؤسسها جلال ذياب على يد مسلحين مجهولين في نيسان (ابريل) 2013.
ويرجع عدي السعدون أحد أعضاء المنظمة أسباب حذرهم في العمل وعدم إقامتهم لنشاطات مستمرة إلى عدم تمكن السلطات من اعتقال المجموعة التي قتلت مؤسس المنظمة لكنه أكد إن هدف المنظمة الرئيس والذي لن تتراجع عنه يوماً هو المطالبة بحقوق أصحاب البشرة السمراء”.
الاعتراف بأصحاب البشرة السمراء كأقلية في العراق إلى جانب باقي الأقليات، هو من أبرز مطالب “منظمة أنصار الحرية” بحسب السعدون الذي قال لـ”نقاش” إنهم يمثلون أكثر من 5 في المائة من سكان العراق أي قرابة مليون ونصف المليون نسمة.
وبحسب السعدون فإن أبناء جلدته يعانون من الاضطهاد الذي لم يجعل لهم أي تمثيل في مجلس النواب العراقي، او في درجات الدولة الخاصة ويقول “يرفض أصحاب البشرة البيضاء التزاوج معنا، وكأن الأمر أصبح مستحيلاً”.
ويضيف ” معظم أصحاب البشرة السمراء يعيشون أوضاع مادية مزرية, وجميع تلك المشكلات دفعتنا إلى المطالبة بحقوقنا وعدم التمييز بيننا وبين نظرائنا من السكان المحليين”.
على النقيض من رأي السعدون تقول النائبة في البرلمان العراقي عن محافظة البصرة التي يسكنها مايقارب 400 ألف من أصحاب البشرة السمراء فاطمة الزركاني إنهم “يعيشون معنا كأخوة، ولم تقع أية حالات اضطهاد بحقهم، ولو حدثت بعض الحالات النادرة فهذا لا يعني التعميم”.
الزركاني رفضت نسب مطالب التمثيل البرلماني وبقية مشكلات أصحاب البشرة السمراء إليهم، وقالت إن “هناك جهات خارجية تحاول تفتيت المجتمع البصري، والدفع باتجاه إيجاد حالات تمييز عنصري بين مكوناته، فالسُمر في المحافظة لهم طعم خاص، وطيبتهم لا يمكن وصفها، وهم منا ونحن منهم”.
ولم تعترض على وجود ممثل عن أصحاب البشرة السمراء في البرلمان العراقي، لكنها أكدت على ضرورة أن يكون ممثلهم من سكان البصرة الأصليين.
لكن غيابهم عن الوسط السياسي في العراق لم يمنع بروزهم في مجالات الثقافة والفن والرياضة، فمنهم خرج الفنان حسين البصري صاحب البشرة السمراء الذي يعد من أبرز مطربي جيل السبعينات، ولاعب المنتخب الوطني العراقي قصي منير الذي يُعد من أبرز لاعبي آسيا عام 2007، واللاعب الشاب أمجد كلف الذي حصل على لقب أفضل لاعب في بطولة آسيا الأخيرة تحت سن 22 عاماً في سلطنة عمان.
الشهيد جلال ذياب مؤسس منظمة “انصار الحرية” المعنية بحقوق أصحاب البشرة السمراء في العراق
الباحث الاجتماعي سعيد كريم قال لـ”نقاش” إن “أصحاب البشرة السمراء يجب أن يحصلوا على حقوقهم من حيث التمثيل السياسي والاجتماعي، خاصة وأننا لم نجد بعد التغيير الذي حصل عام 2003 أية طروحات للارتقاء بواقع هذه الفئة العراقية، التي تشعر بالغبن والاضطهاد”.
وأكد أن “عدد أصحاب البشرة السمراء تجاوز المليون نسمة ويجب أن يكون لهم تمثيل سياسي، وأن يقوموا بترشيح شخصيات يتم الاتفاق عليها من قبل الجميع لانتخابهم كممثلين عنهم”.
ويقول “هناك فوارق كبيرة في المجتمع العراقي تصل حد العنصرية اللونية لا سيما المواقف التي يتخذها بعض الأشخاص والتي تُشعر أصحاب البشرة السمراء بالتمييز”.
ويخلو البرلمان العراقي وجميع مناصب الدولة العراقية منذ تأسيسها من أية شخصية بشرتها سمراء، وكذلك لم تجد اية شخصية اجتماعية لها قرار أو نفوذ في المجتمع، من أصحاب تلك البشرة، مما دفع أبنائهم إلى الإنخراط للعمل في السلك الأمني وأعمال الحراسة وبقية الحرف البسيطة.
رياض جاسم الملقب بــ”أبو سمرة” أحد سكان محافظة بغداد يعمل في مجال الفرق الفنية الشعبية، يرغب بأن يكون هناك من يمثله في مجلس النواب العراقي، أو في الحكومتين الاتحادية والمحلية، حتى لا يشعر بالغبن والتهميش بين باقي مكونات المجتمع العراقي”.
ولم يتعرض “أبو سمرة” البالغ من العمر 27 عاماً لأية مضايقات في بغداد، لكنه ينزعج من بعض المصطلحات التي يطلقها البعض عليهم دون عمد ولذلك يتوجب عقد مؤتمرات مستمرة من قبل جهات مختصة لإلغاء وتجريم بعض المصطلحات التي يطلقها البعض على السود في العراق كي لا يشعروا بالاضطهاد”.