جريمة الاختطاف فى ليبيا…؟

جريمة الاختطاف، واحدة من أكثر الجرائم انتشارا في ليبيا، في ظل حالة الانفلات الأمني والانقسام السياسي والنزاع المسلح الذي تعيشه البلاد منذ أكثر من ثماني سنوات.

ومع انتشار السلاح في كل بيت ليبي تقريباً، شهدت عدة مدن وعلى رأسها العاصمة طرابلس، اختطاف مسؤولين ودبلوماسيين وصحفيين وحقوقيين، بل وطال الأمر الأطفال والنساء والشيوخ.

ويصعب حصر الدوافع وراء هذه العمليات في قالب واحد، فهناك حالات الخطف من أجل المال فقط، وحالات من أجل النزعة القبلية، و حالات أخرى انتقاماً وثأراً، كما تحمل حالات الاختفاء القسري دوافع سياسية أو إيدولوجية.

من ذلك،اختطفت مجموعة مسلحة مجهولة، الأربعاء، وزير النفط الليبي السابق عبد الباري العروسي من أمام منزله بالعاصمة طرابلس، وسط غموض حول مصيره ودوافع اختطافه.

وتعد حوادث الاختطاف شائعة في العاصمة طرابلس، التي تسيطر عليها المليشيات المسلحة وتخضع لحماية الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة الوفاق الوطني، وتطال خاصة الوزراء والمسؤولين السياسيين والحكوميين.

عمليات الخطف هذه التي   يمارسها قطّاع الطرق، و"عصابات الحرابة"، فضلاً عن تشكيلات مسلحة بخلفيات دينية وجهوية مختلفة،باتت تطال جميع الفئات في ليبيا.فقد ضمت قائمة المخطوفين، خلال الأشهر الماضية، عسكريين، وأمنيين، وصحافيين، ومواطنين بينهم رجال وأطفال، وامتدت أيادي الخاطفين أيضاً إلى الفنيين الأجانب العاملين في شركات الكهرباء والنفط بمدن الجنوب، ولم يفرقوا بين الليبيين، وغيرهم من جنسيات عربية وأجنبية، مستغلين الانفلات الأمني في البلاد.

من جانبها،أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عن قلقها العميق إزاء تزايد حالات الاختطاف والاحتجاز التعسفي وحالات الاختفاء القسري منذ اندلاع القتال في طرابلس، لافتة إلى أنّ تلك الحالات تطال مسؤولين وناشطين وصحفيين، حيث تنذر هذه الحالات بتدهور سيادة القانون في ليبيا.

وشددت البعثة، وفق بيان نشرته عبر موقعها الإلكتروني في شهر مايو الماضي ، على أن "القانون الدولي لحقوق الإنسان ينص على أن لكل شخص الحق في الحرية والأمن الشخصي، ولا يجوز إخضاع أي شخص للاعتقال أو الاحتجاز التعسفي. كما يحظر القانون الدولي الإنساني حالات الاختفاء القسري، شأنها شأن عمليات الخطف والاختطاف".

وأوضحت البعثة أنها سجلت، منذ بداية النزاع الحالي في طرابلس، زيادة حادة في عمليات الاختطاف والاختفاء والاعتقالات التعسفية، لافتة إلىأن "ما لا يقل عن سبعة مسؤولين وموظفين ضحية للاعتقال التعسفي أو الاختطاف في شرق ليبيا وغربها"، منوهة بأن "مصير جميع هؤلاء الضحايا لا يزال مجهولاً، وقد يكون آخرون قد اختفوا في ظروف مماثلة".

ففي العام 2017، سجل جهاز البحث الجنائي التابع لحكومة الوفاق الوطني الليبية وقوع 1038 جريمة قتل، إضافة إلى خطف 676 شخصاً في طرابلس وضواحيها. 

وبحسب تقرير صادر عن مكتب التحرى بوزارة الداخلية الليبية بطرابلس، تم تسجيل 1400 مابين جريمة خطف وسطو بالعاصمة طرابلس خلال الفترة مـا بـيـن 15 ديسمبر 2016 حتى 31 يناير 2017. كما بلغ عدد جرائم الاختطاف الـتى تعرض لها المواطنون 293 جريمة خطف مـنها 11 حالة اختطاف لسـيدات مـتزوجات وعدد 21 جريمة اختطاف لفتيات.

وعادة ما يستهدف المختطفون مسؤولين محليين ورجال أعمال وتجارا وناشطين وأطفالا ونساء وموظفين حكوميين، إما للحصول على الفدى أو لتصفية الحسابات السياسية والاجتماعية.

ويرى مراقبون أن تواجد أكثر من 16 ألف سجين محكوم عليهم جنائياً، تم إطلاق سراحهم أثناء أحداث فبراير 2011، ما خلّف حتما في إرتفاع حجم و مستوى الجريمة والفوضى التي يتسبب بها المدانون الفارون من السجون.

حيث يعقب معظم حالات الاختطاف في ليبيا طلب الخاطفين فدية مالية ضخمة لذوي المخطوف، مقابل إطلاق سراحه، وفي بعض الحالات وبعد دفع الفدية، تتم تصفية المخطوف وإبلاغ ذويه عن مكان جثته.

وفي الوقت الذي تتواصل فيه هذه الظاهرة المخيفة،يقتصر الدور الامني على استقبال الشكاوي وتوثيق حالات الخطف فيما يفتقر الى نجاعة الأجراء إلا فيما ندر لذلك توالت الدعوات إلى إنشاء جسم إداري معني بشؤون المدن والقبائل، ليصبح بمثابة المظلة الاجتماعية لردع أبناء القبائل و المدن، وعدم حماية المجرمين المنتمين إليهم.