تشاد ومخالب فرنسا فى افريقيا

66959509_3201877999841166_53019210900570112_n.jpg


منقول من موقع فزان…


اضطر تمبلباي تحت ضغوط نشاط الفصائل المسلحة المناهضة لحكمة الى انتهاج سياسته التقرب من الدول العربيه الداعمة للفصائل التشاديه ، وليبيا على وجه الخصوص ، فاقدم على قطع علاقاته مع إسرائيل ، وعزز ذلك بمشاركة تشاد في مؤتمر وزراء خارجيه دول شرق ووسط افريقيا المنعقد في تنزانيا عام 1973م ، والذي أصدر بيانا شجب فيه العدوان الاسرائيلي عقب حرب اكتوبر ، وكذلك اقدم على الانسحاب من احد المنظمات الفرنكفونيه ، واظهر عزمه على محاربة الثقافه الفرنسيهً واصفا اياها بالثقافة الدخيله ، وقام بتغير بعض الاسماء الفرنسيه ، وصار اسمه " انغرتا تمبلباي " بدلا من " فرانسوا تمبلباي " ، ثم غير اسم العاصمة من " فورت لامي " الي " أنجمينا " . واسم حزبه ، من الحزب التقدمي الي (الحركه الوطنيه للثوره والثقافه الاجتماعية ) ، هذه التحولات السياسيه والثقافية والاجتماعية اعطته فرصة للتقارب مع الدول العربيه ،. واستغل القذافي الموقف مرحبا بالنهج السياسي الجديد ، ودعاه لزياره ليبيا عام 1972م. واثناء زيارته استلم مبلغ 40 مليون دولار مقابل التنازل عن قطاع اوزو ، وقام القذافي من جانبه بطرد زعماء الفصائل من ليبيا ، وإغلاق مكاتبهم ، كما اغلقت أذاعه فرولينا نتيجه شح الدعم المادي الذي كانت ليبيا توفره ، كما تم طرد ابا صديق من ليبيا الذي غادرها الي الجرائر . وبهذا تمكن " تمبلباي " من سحب البساط من تحت اقدام المعارضه المسلحة ، وقام القذافي بزياره أنجمينا عام 1973م ، تمخضت عنها اتفاقيه عام 1974م بين البلدين التي تقر بتبعيه قطاع " اوزو " لليبيا . علي الرغم من الإصلاحات التي قام بها تمبلباي في سياسته الخارجيه ، الا انها لم تنعكس ايجابا علي الوضع الداخلي نتيجه للقيود التي كبل بها ، ولم يستطيع الإفلات منها منذ ان جاء الي السلطه عام 1960م ، وابرزها وجود مستشارين فرنسيين في الوزارات الحكومية ، وكانوا الوزراء الفعلين . تواجد الحاميات الفرنسيهً المتمركزة في طول البلاد وعرضها ، والتي كانت بمثابة العصا التي ترفع لمن يحاول الخروج عن طاعه الاليزيه ، وكانت القشة التي قسمت ظهر البعير يوم توقيعه اتفاقيه مع شركه " كونوكو " الأمريكية للتنقيب عن النفط ، لينتهي حكمة بانقلاب عسكري كما حال الدول الافريقية الفرنكفونية عند خروج الرئيس عن يد الطاعة ، حدث الانقلاب بقيادة مجموعة من جنرالاته ، في مقدمتهم " فلكس مالوم " و "عبدالقادر كاموجي " في 13/04/1975.. قتل تمبلباي ، واصبح الرئيس الجديد ، رئيس المجلس العسكري المؤقت " فلكس مالوم ". ولد " فليكس مالوم " في 10/02/1932 ، بمدينه " سار " جنوب البلاد ، درس في " برازافيل " ، ثم التحق بالجيش الفرنسي ، وشارك في الحروب الفرنسيهً بجزر الهند الصينية وفيتنام ، وفي عام 1959م ،التحق بمدرسه الضباط الفرنسيهً ، وتخرج برتبه ملازم ، ثم التحق بالجيش التشادي . ظلت فرنسا هي من تختار القاده لأداره شؤون مستعمراتها ، وشمل المجلس لأول مره عضويه ضباط شمالين ، الملازم محمود محمد عبدالرحمن حقار ، والرائد زكريا ، اوا ذهب ، وقرر هذا المجلس تعديل بعض الإجراءات الإدارية كسبا لثقة الشعب ، ابرزها :- دعوة قاده الفصائل للمصالحه الوطنيه .- إطلاق جميع المتعلقين في عهد نظام تمبلباي .- حل حزب تمبلباي .- إلغاء الدستور.- تشجيع الشعب علي ممارسه الحرف التي تضمن له استمراريه الدخل الثابت. استجاب " احمد حسن موسي لنداء المجلس العسكري الذي بدا منفتحا على اجراء اصلاحات حقيقيه تقود البلاد الي مرحله جديده ينعم فيها الشعب بالاستقرار والتنمية ، فيما اكتفى حسين هبري زعيم مجلس قوات الشمال المسلحه ، والباقلاني زعيم قوات البركان ، بإرسال وفود تنوب عنهم لتحري نوايا المجلس العسكري . وفي المقابل بدأ التواصل بين الفصيلين بغرض توحيد قوتهم العسكريه لاحياء مجد فرولينا ، و سحب البساط من " ابا صديق " ، وأرسل الباقلاني وفدا لحسين هبري بقياده عيسي حامد أبوعمار ، معزولي عبدالله البشر ، مهدي عبيد ، حمدان سمعان ، كما أرسل هبري وفدا للباقلاني بقياده الجنرال محمد نوري . وثم ذلك التقارب بمباركة ليبيا . في كتابه ( الإسلام في افريقيا ) . كتب القيادي في جبهه فرولينا المهندس المرحوم يوسف بريمه : " ذهب الباقلاني بنفسه لمقابله حسين لمناقشته حول المبادر الليبيه بخصوص توحيد جيش الشمال مع البركان ، وصل الباقلاني منطقه قرو ، ونزل ضيفا علي الشيخ " دقليما " احد شيوخ التبو ، بدا الباقلاني مباحثاته مع حسين هبري ، ولكن وجهات النظر اختلفت بينهما ، وكان أسباب هذا الخلاف هو :- - يري الباقلاني ضرورة تفعيل الاقتراح الليبي لدمج القوه العسكريه بين قوات الشمال والبركان . - ويري حسين ضروره الاتفاق مع فليكس مالوم حول المصالحهً التي بادر اليها مجلسه. وعندما اشتد الخلاف بينهما قام حسين باعتقال الباقلاني ، وأخذه بالقوه من منزل الشيخ الي مكان مجهول . هذه الحادثه استفزت الشيخ دقليما ووجهاء واعيان التبو ، فذهبو الي كوغوني وأخبروه ان تصرف " هبري " هذا يخالف عاداتهم وتقاليدهم ، وأنهم سوف يعيدون الباقلاني الي منزل الشيخ مهما كلفهم الأمر ، كما أكدوا لكوغوني تأييدهم لفكره الباقلاني بالاتفاق مع ليبيا ، ويرفضون وجهه نظر " هبري " في هذه الأجواء المشحونة ، فري " هبري " من منطقه " قرو مع اتباعه من فروع النكازا ، ليؤسس قوات الشمال (FAN) في منطقه بلتين ، بعدما اطلق صراح الباقلاني ،تحت ضغط زعماء التبو ) . هذا التصرف الغادر ، دفع بالفصائل العسكريه الى ترسيخ النهج القبلي في عناصرها ، واصبح كل زعيم فصيل يركز علي عشيرته بدلا من المكوين الوطني . وصار " كوغوني واداي " رئيسا لمجلس قياده قوات الشمال المسلحه ، بدلا عن حسين هبري ، واتفق مع محمد الباقلاني علي تكوين لجنه عسكريه مشتركه برئاسة ادم تقوي ، من الجيش الثاني ، وقاسم محمد قمر نائبا له من قوات البركان ، وشغل اصيل احمد أغبش من قوات البركان منصب السكرتير المالي . بعد وفاه الباقلاني عام 27/03/1977، تزعم اصيل قوات البركان ، اثر خلاف مع عبدالله " ادم دناع " . تمكنت اللجنه العسكريه المشتركه بقياده كل من كوغوني ، واصيل ، من الحصول على الدعم غير المحدود من ليبيا ، والرعاية التامة من القذافي . وفي عام 17/4/1977 ،أصدرت قياده قوات التحرير الشعبيه بيانا اعلنت فيه عزل " ابا صديق " عن الامانه العامه لفرولينا ، وعينت بدلا عنه " مالوم بكر " ، وارسلت وفدا بقياده محمد ابا سعيد وإبراهيم يوسف جويلي الي ليبيا لبحث الاتحاد مع الجيش الثاني بقياده كوغوني ، والجيش الاول لقوات البركان بقياده اصيل . ابراهيم يوسف جويلي ، تشادي من اصل ليبي ، درس بالكنغو ، وتخرج من معهد المعلمين هناك ، واصبح معلما في تشاد . ثم ترك التدريس وانضم للجيش الاول بقياده ابا صديق ، كان مولعا بالفكر الماركسي ، واستطاع ان يضم له عددا من الطلاب التشادييين الدارسين في الكنغو وفرنسا ، وعلي رأسهم الشيخ ابن عمر ومحمد علي يوسف وآدم يعقوب كوكو وسيد قمر السليك وعبدالرحمن صالح وكيلاني احمد طوير وغيرهم . يري ابراهيم جويلي ان فرولينا ثوره تقدميه اتت لإخراج الشعب من تخلفه ، ولتحرره من براثن الاستعمار ، وان الأخطاء التي ارتكبها السيد ابراهيم ابجه في حياته بسبب تعامله مع شخصيات رجعيه راديكاليه مثل محمد الباقلاني الذي يميل الى فكر الاخوان المسلمين ، ويدعو الي اقامه دوله اسلاميه في تشاد . ادرك الرئيس مالوم انه في امس الحاجه لحلفاء جدد لمواجهه الخطر القادم من الشمال ، فاقدم الي توقيع اتفاقيه المصالحهً الوطنيه بالخرطوم في 05/02/ 1978 م ، مع حسين هبري قائد قوات الشمال (FAN).. وفي اغسطس عام 1978م . تم تشكيل حكومه جديده وفقا مخرجات اتفاقيه الخرطوم اصبح بموجبها حسين هبري اول رئيس وزراء شمالي بعد الاستقلال ، والجنرال فليكس مالوم رئيسا للجمهورية ، وكان لهذا الحدث اثر طيب في نفوس الشماليين المبعدين من المشاركه في اداره البلاد بايعاز من فرنسا. رأي القذافي ان في هذا الاتفاق لا يستجيب لرغباته ، مدركا لموقف " هبري " من قطاع أوزو ، فأرسل قوات بريه لدعم فصيلي كوغوني واداي ، واصيل احمد ، وقد تمكنت هذه الفصائل من الاستيلاء علي مدينة " فايا لارجو " وألحقت هزيمه ساحقه بقوات الحكومه المدعومة بقوات (FAN) ، واستخدمت في تلك المعارك اسلحه متقدمه مثل صواريخ ( ستريلا 2جوجو ). هذه الانتصارات عززت مكانهة كوغوني واداي ، واصيل احمد ، بين فصائل فرولينا المتفرقة .

أ . احمد البطحاوي