تسونامي درنة ، ماذا حصل ليلة الطوفان؟
هذه الصور للحظة وصول المياه على دفعات، بعد انفجار السدين ( سد البلاد ) الأول، ثم أعقبه السد الثاني، القريب من السكان ( سد بو منصور ) في مدينة درنة الجريحة، إنها كارثة بكل المقاييس .
قال بعض الخبراء :
إن المطر له مقياس متدرج بالمليمترات، فكل مليمتر في مقياس المطر، يُعادل سقوط لتر واحد لكل متر مربع .
1mm = 1 l/m2 = 10 m3/1ha= 10 tonnes/ha .
وبعملية حسابية بسيطة يتبين لنا أن مليون كيلومتر مربع، يسقط عليه 30 مليون متر مكعب من المياه .
فكانت كمية المياه التي انغمرت على مدينة درنة لوحدها، والتي تتراوح من ( 110 __ 220 ) مليون متر مكعب من المياه، هو بحدِّ ذاته الذي يسقط على دولة بحجم ليبيا مرتين ونصف تقريباً .
وبحساب القوة التدميرية لموجات تسونامي درنة المدمر، نجد أن ضربة المياه عادلت ثلاثة أرباع القنبلة النووية التي ضربت مدينة هيروشيما اليابانية، لأن القنبلة النووية دمرت 12كيلو متر مربع، بينما دمر تسونامي درنة 10 كيلو متر مربع .
وقال بعض الخبراء :
عندما جاءت العاصفة ( دانيال ) كانت محملة بما يقارب ( 110) مليون متر مكعب من المياه، فتجمعت خلف السد الأول ( سد البلاد) الذي كان يحجز خلفه ملايين الأمتار المكعبة من المياه، فانفجر السد من كثرة المياه، وانطلقت هذه الكمية الضخمة من المياه متجهة إلى مدينة ( درنة ) .
لتجد سد ( بو منصور) في طريقها، والذي كان بدوره يحمل، ملايين الأمتار المكعبة من المياه، فالتقى الماء على أمرٍ قد قُدر .
وكانت كمية المياه التي تجمعت من ثلاث محاور، يتراوح بين ( 110 __ 220 ) مليون متر مكعب من المياه .
فانفجر السد الركامي وتكونت موجة تسونامي رهيبة، تفوق موجة تسونامي اليابان سنة 2011م علوً وارتفاعاً .
وكان ارتفاع موجة مياه ( تسونامي درنة ) بما يقارب ( 45 ) متر تقريباً، حتى قال شهود عيان : أنهم لم يشاهدوا مبانٍ سكنية ذات ( ٦) طوابق لارتفاع موجة ( تسونامي درنة المدمر ) .
وقال خبراء :
المشكلة التي زادت الطين بلة أن السدود في هذه المناطق من النوع التراكمي، أي أن السد يتكون من الأحجار والصخور الضخمة، والمتوسطة والصغيرة، والتراب .
أضف إلى ذلك قوة التحرُّك للمياه هبوطاً، مما يُنتج عنه قوة تدميرية هائلة إضافية عن قوة الماء الأصلية، وهذا يفهمه خبراء الرياضيات .
فكانت مهمة موجات تسونامي درنة الضخمة؛ هي دحرجة كل تلك الصخور والأحجار المختلفة في الكم والحجم والنوع، إلى المناطق السكنية، فضُرِبت بها مدينة درنة، في مشهدٍ يصعُب تكراره في التاريخ الحديث .
لقد خرجت مدينة درنة، بتاريخها، ومعالمها، ومبانيها، وسكانها، من التاريخ، والجغرافيا، في نصف ساعة تقريباً .
حتى قال بعض الخبراء معلقا عما حدث :
إن مدينة درنة شاهدت جانباً من جوانب يوم القيامة .
إخوتي أخواتي :
إذا قضى الله أمراً فلا مرد له، ولا مُعقِّب لحكمه، ولا رادَّ لقضائه، فوق أرضه، وتحت سمائه .
اللهم تقبل الموتى مع الشهداء والصالحين وحسُن أولئك رفيقاً .
نُعزِّي أنفسنا ونُعزِّي أهلنا في درنة خاصة، وفي الشرق عامة، إنَّ لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل عنده بأجل مسمى، فاصبروا، واحتسبوا، وأبشروا بما وعد الله عباده المؤمنين .
قال الله تعالى : " وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون " كما في سورة البقرة .
أحسن الله عزاءكم، وجبر مصيبتكم، وغفر لميتكم، وألهمكم جميل الصبر والسلوان، فكلنا راحلون عن هذه الدنيا الفانية .
وأختم :
لعلها حكمة من الله عز وجل أن هذه الكميات الضخمة من المياه ضربت المدينة على هيئة سيل له موجات تقدمية، فلو ضربت هذه المياه مدينة درنة دفعة واحدة، فلن نجد فيها بشر، ولا حجر، ولا شجر، ولا مدر، وسنقول حينها : ( درنة كانت هنا ) .