كان حلم الوصول الى أمريكا يمتلك ويسكن عقول وأذهان وأحلام العديد من العمال في أوروبا ... كان الحلم تغذيه الظروف الاقتصادية الصعبة في بلدانهم والأخبار التي تتقاطر عن نجاحات المهاجرين وعن المكاسب التي حققوها هناك، وكانت أمريكا تعيش بدايات ثورتها الصناعية وكان العمال الأوروبيون المهاجرون إلى العالم الجديد يمثلون الشريحة الأكبر في القوة العاملة في أمريكا.

لكن هذه الاحلام سرعان ما اصطدمت بأرض الواقع وتبددت .. فقد كانت ظروف العمل مريعة والأجور متدنية وساعات العمل طويلة ... ومرهقة، فتحولت الاحلام تدريجيا وبشكل تصاعدي إلى مراراة وإلى غضب في النفوس ... فقام العمال بتنظيم انفسهم وبتنظيم الاحتجاج تلو الأخر ... وسرعان ما برز من بينهم قادة يدعون الى تقليص ساعات العمل وتحسين الأجور وتحسين بيئة العمل ومواجهة الاستغلال الراسمالي ... عبر سلاح الاضرابات العمالية وتعطيل الانتاج الذي واجهته السلطات بالمزيد من العنف وباستخدام الشرطة واحيانا الجيش.

وفي الأول من مايو عام 1886 دعا اتحاد نقابات العمال في الولايات المتحدة إلى اضراب للمطالبة بتقليص ساعات العمل الى ثماني ساعات يوميا. شارك في الاضراب أكثر من 300 ألف عامل في المصانع التي يعملون فيها في جميع أنحاء البلاد. في 3 مايو بمدينة شيكاغو قتل رجال الشرطة في أحد المراكز عدد من العمال المضربين . وفي اليوم الذي يليه انفجرت قنبلة في ختام تجمع عمالي وأدت إلى مقتل 7 من رجال الشرطة وعدد من العمال المضربين في ساحة هيماركيت في مدينة شيكاغو.

تم القبض على عدد من قادة حركة الاحتجاج وتقديمهم الى الى المحاكمة حيث جرى الحكم على ثمانية منهم بالاعدام ، وتم تنفيذه في أربعة منهم عام 1887 . وهي محاكمة شابتها العديد من التجاوزات حتى ان حاكم الولاية افرج عن بقية المتهمين عام 1893 منددا بالمحاكمة واحكامها الجائرة.

تضامن عمال العديد من العمال والمثقفين و المناضلين في العديد من دول العالم مع هذا الحدث منددين بالقمع لزملائهم ومطالبين بتخليد ذكرى هذه الاحتجاجات وهذا ما تم حين ما قرر المؤتمر الأول للأممية الثانية الذي عقد في باريس عام 1889، لاستجابة لهذا المطلب ودعا الى "مظاهرات حول العالم" في الأول من شهر مايو/آيار في العام التالي، 1890، وهكذا أصبح هذا اليوم منذ ذلك العام عيدا للعمال حول العالم. لم يتوقف نضال العمال من اجل نيل المزيد من الحقوق وساندهم في هذه النضال العديد من الكتاب و الشعراء والمناضلين و المشرعين حتى ترشخت الحقوق في قوانين تحميهم وتضمن حقوقهم.

تحية للعمال في عيدهم ... وتحية لكل من ناضل من اجلهم ... وكل من شارك في كتابة التشريعات التي اعطتهم حقوقهم .. ولكل من احترام هذه الحقوق .