Toboupost تبوبوست

View Original

الكاتب الصحفي محمد بعيو يكتب تحت عنوان : ليلة القذائف الطويلة .. محاولة لقراءة هادئة.

  ·

====================

انتهت ليلة القذائف الإيرانية الطويلة طائرات مُسيّرة وصواريخ بالستية، جميعها تم اعتراضها وإسقاطها قبل أن تسقط على أهدافها..

لا أحد قُتل ولا شيء دُمر، لكن الهدف الأساسي لطرفي الصراع تحقق..

إيران أثبتت قدرتها على استخدام ما تملكه من تقنيات عسكرية لحروب الجيل الجديد، ولأول مرة تضطر القيادة الدينية السياسية إلى خوض مغامرة من هذا النوع، لكنها مغامرة محسوبة ولولا الضغط الشديد للحرس الثوري وللرأي العام بعد تدمير القنصلية الإيرانية في دمشق ما كان المرشد الأعلى القائد الأعلى خامنئي اضطر إلى اتخاذ قرار الهجوم الليلي، الذي كان معروفاً للأمريكيين موعده ونوعيته وأهدافه وحدوده ونتائجه .

لكن إيران صارت الآن وأكثر من أي وقت مضى ممنوعةً من استكمال برنامجها النووي وتصنيع القنبلة الذرية، ولو اضطرت أميركا وحليفتها إسرائيل وحلف الأطلسي مجتمعة إلى خوض حرب مدمرة ضدها، وهذا ما تعيه القيادة الإيرانية جيداً وما ستسعى بالتأكيد لاستثماره بكل الوسائل وفي كل الاتجاهات، فالتاجر الفارسي الذكي يعرف كيف ومتى يبيع بضاعته في سوق المرابين العالمي المسمى السياسة الدولية أو المجتمع الدولي، وربما يراهن الغرب أيضاً وهو الذي صار خبيراً بالدهاء والصبر الإستراتيجي الإيراني على جيل جديد سيحكم الجمهورية الإسلامية بعد سنوات قليلة، لن يكون موجوداً فيها خامنئي ورئيسي ورفاقهم من تلاميذ الخميني ومن جيل الآباء المؤسسين للجمهورية الملالية، التي تكاد تبلغ نصف القرن من عمرها وقد صارت أكثر قوة عسكرياً وتقنياً وعلمياً، وأكثر حكمةً وقدرة على التأثير في محيطها وفي مجالها الحيوي الذي يتجاوز حدودها إلى دول عربية بعيدة عنها جغرافياً قريبةً إليها بل خاضعة لها أيديولوجياً وسياسياً.

من ناحية الكيان الإسر..ائيلي وحيث نجح المتط..رف النتن ياهو في إحراج أميركا واستدراجها إلى صراع مفتوح مع إيران، لم تحدد إدارة بايدن موعده ولا أهدافه مستغلاً وضع {البطة العرجاء} الذي توصف به الإداراة الأمريكية في سنة الانتخابات الرئاسية ليبتزها وليورطها في حروبه ومغامرات اليمين المتط..رف، حيث تأثير اللوبي اليهودي عامل حسم في الانتخابات يسعى ساكن البيت الأبيض العجوز ليكسبه ليستمر ولايةً ثانية، فغاية الكيان المحت..ل لفلسطين أن تخوض أميركا والغرب معه حرباً استراتيجية ضد إيران لمنعها من امتلاك السلاح النووي كي لا يخوضها منفرداً، وهي التي بالنسبة إليه مسألة حياة أو موت وليست مسألة خلاف سياسي أو صراع مصالح.

سيستمر نتن ياهو في حربه المد..مرة على غزة، وسيجتاح رفح وسيراهن اكثر عبر إعلامه القوي على المظلومية اليهودية، وعلى وجود دولته المهددة في محيط الكراهية العربي الإسلامي ، وهو محيط منعدم الوجود والتأثير إلاّ من الخطابات الحنجورية والشعارات الشعبوية، لكن قادة الكيان أدركوا بعد ليلة البارحة أن هناك حدوداً للقوة وحدوداً للقدرة.

في كل الأحوال سنظل نحن العرب نتفرج ونكتب ونتكاذب ونتضامن بالكلمات دون أي تأثير حقيقي على الأرض، وليس علينا نحن الليبيين المهددين في وجودنا وكياننا أن نهتم بأي شيء سوى ليبيا، التي صارت بين خيارين أما الطوفان وإما شط الأمان، وهذا الذي نعيشه ونشهده يجعلني أرى الأول أقرب مصيراً من الثاني إلاّ أن يتداركنا الله برحمته قبل فوات الأوان ..