Toboupost تبوبوست

View Original

خلفيات المطالبة بطرد الوجود الفرنسي من تشاد

لا تطل تشاد على فضاءات جيوسياسية متعددة، لكن وقوعها بين السودان وليبيا والنيجر وجمهورية أفريقيا الوسطى ونيجيريا والكاميرون، منحها موقعاً مميزاً بالنسبة إلى فرنسا والقوى الغربية الأخرى، وصاغ طبيعة مشاركتها في الحرب ضد الإرهاب في منطقة الساحل، لتنطلق من مركزها إمكانية متابعة وإدارة مصالح هذه القوى في الدول المجاورة لها.

ومع تمسك فرنسا بإجراء حوار وطني بهدف الوصول إلى مصالحة في تشاد، وتأكيد دعمها جهود السلطات والأطراف التشادية في هذا الاتجاه مع بقية الشركاء الدوليين في هذه الظروف، قاد تحالف المعارضة المناهض للمجلس العسكري الانتقالي “واكيت تاما” مظاهرات مطالبة بانسحاب المجلس العسكري من الحكم، والتنديد بدعم فرنسا الرئيس محمد كاكا ديبي.

ويضم تحالف “واكيت تاما” أحزاباً سياسية وجماعات مدنية معارضة للمجلس العسكري الانتقالي الذي يقود البلاد منذ وفاة الرئيس السابق إدريس ديبي في 20 أبريل (نيسان) 2021. وبينما تواجه باريس حملات داخلية، وتواجه نجامينا أيضاً اعتراضات ضد سيطرة الجيش على تشاد، ودعم باريس المجلس العسكري والوجود الفرنسي عموماً، وبينما عدت فرنسا الراعي لاستيلاء المجلس العسكري على الحكم في تشاد، الذي وصفته المعارضة بأنه “انقلاب مؤسساتي”، دافعت فرنسا عن نفسها بأنها ضد توريث الحكم، لكنها تدعم محمد كاكا لظروف استثنائية من أجل تحقيق الأمن هناك.

 وفي الإطار الإقليمي المحيط بتشاد، يبرز توتر علاقة فرنسا بمستعمراتها الأفريقية السابقة، الذي تنامى خلال السنوات الأخيرة، ما أدى إلى مشاعر مناهضة للوجود الفرنسي غذته الحركات الثورية والاجتماعية ضد الانقلابات العسكرية الأخيرة في عدد من الدول، إذ ترى هذه الحركات أن الوجود الفرنسي هو الداعم الرئيس للانقلابيين.

أفريقيا الفرنسية

بعد خروج الاستعمار الفرنسي الذي بدأ في تشاد كجزء من الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية من عام 1900 إلى حين استقلالها في 1960، بدأ الوجود الفرنسي اللاحق يأخذ بعداً آخر يترجم الظاهرة الاستعمارية باعتبارها أحد العوامل المؤسسة والموجهة للسلوك السياسي المترسخ من فترة الاستعمار.

وبعد أن تحولت تشاد إلى الإدارة المدنية الفرنسية عام 1920، لم تتمكن من التحكم في المجالات الحيوية المحيطة بها، واستمر ذلك إلى ما بعد استقلالها، كما استمرت التهديدات إلى ما بعد استيلاء إدريس ديبي على الحكم في 1990، خصوصاً من جهة الشمال، التي نشط فيها المتمردون التشاديون، إضافة إلى متمردي ليبيا والسودان.