فتح قنوات حوار بين قوات الكرامة وبين مصراتة
مقال منقول
أثبتت المعركة التي تدور منذ أكثر من ثلاثة أشهر للسيطرة على طرابلس أن طرفي معادلة التسوية في ليبيا هما الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر ومدينة مصراتة ذات الثقل السياسي والعسكري والاقتصادي المهم غرب ليبيا والتي يهيمن على قراراتها تيار الإسلام السياسي.
ويبدو أن الليبيين من مختلف المناطق في ليبيا قد وقفوا على هذه القناعة، لذلك تسعى جهات محلية للقيام بوساطة تنهي الاقتتال وتفتح الباب أمام المفاوضات بين الطرفين لتسوية الأزمة العاصفة بالبلاد منذ 2014.
وقالت مصادر ليبية لـ”العرب” إن المبادرة بقيادة شخصيات قبلية من مدينة الزاوية التي تساند أكبر قبائلها الجيش رغم سيطرة الميليشيات على المدينة، مشيرة إلى أن تلك الشخصيات تواصلت خلال الفترة الماضية مع وفد عن مدينة مصراتة.
وتحدثت مساء الإثنين الصفحة الرسمية للمركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة التابعة للجيش عن مفاوضات غير مباشرة تمت بين القيادة العامة للجيش ووفد من مدينة مصراتة، في حين لم يصدر أي تعليق بالنفي أو التأكيد من مصادر رسمية تابعة للطرفين.
وقال المركز الإعلامي إن شروط مصراتة لوقف إطلاق النار والانسحاب من معركة طرابلس هي: التعهد بعدم دخول الجيش إلى المدينة مقابل تسليم أسلحة ميليشياتها والإبقاء على قوة بقوام لواء هدفها حماية المدينة وعدم مطاردة أبنائها قانونيا.
وبحسب المصادر ذاتها فقد رد الجيش على تلك الشروط بالرفض حيث شدد على ضرورة تسليم مصراتة كامل الأسلحة المتوسطة والثقيلة وكل الذين ارتكبوا جرائم والمطلوبين من المدعي العام والنيابة على أن تؤمن المدينة من قبل الشرطة والأمن العام من عدة مديريات بمن فيهم أفراد الأمن التابعين للمدينة.
وحطمت معركة تحرير طرابلس الفكرة الرائجة في ليبيا بتفوق مصراتة العسكري، حيث عجزت ميليشياتها طيلة الفترة الماضية عن طرد الجيش من مواقعه وبقيت حتى الآن في موقع دفاع دون أن تنتقل إلى مرحلة الهجوم.
واستنزفت مصراتة الكثير من قوتها في قتال “داعش”، في مدينة سرت وضواحيها في 2016، كما خاضت قبلها معارك ضارية مع كتائب الزنتان وحلفائها ما بين 2014 و2016.
وواجهت كتائب مصراتة، أكبر انقسام لها منذ تشكلها في 2011، عندما اختار بعضها تأييد حكومة الوفاق في 2016، وأخرى انحازت لحكومة الإنقاذ، بقيادة ابن المدينة خليفة الغويل.
وأطلق الجيش في 4 أبريل الماضي معركة تحرير طرابلس من الميليشيات والمجموعات المتطرفة وتجاوز عدد القتلى منذ بدء المعارك 1000 قتيل.
وينحدر أغلب قتلى الميليشيات من مدينة مصراتة وهو ما يؤكد ما يقال إنها من يقود المعركة فعليا في طرابلس سواء على الصعيد العسكري أو السياسي.
ولا يحظى أداء رئيس حكومة “الوفاق” فايز السراج المنحدر من طرابلس برضا مصراتة وتيار الإسلام السياسي رغم انصياعه شبه المطلق لهما. وخرجت الخلافات داخل الحكومة نفسها إلى العلن في مايو الماضي وتواترت أنباء عن انقسامها إلى شقين: شق يقوده السراج وآخر يتزعمه وزير الداخلية فتحي باشاغا المنحدر من مدينة مصراتة والمحسوب على تنظيم الإخوان.
وتأكدت تلك الخلافات عندما هاجم رئيس الحزب الديمقراطي الليبي أحمد الشيباني المقرب من تيار الإسلام السياسي، السراج ومستشاريه.
وقال الشيباني حينئذ إن مستشار السراج تاج الدين الرزاقي الذي وصفه بـ”المحرك الرئيسي في المجلس الرئاسي” يرفض التعامل مع الدول الداعمة لحكومة الوفاق بحجة أنها دول إخوانية وإسلامية، ويعرقل دعم جبهات القتال بالأموال.
وكانت تقارير إعلامية غربية تحدثت عن مشاركة ضعيفة لميليشيات طرابلس (قوة الردع الخاصة، كتيبة النواصي، كتيبة ثوار طرابلس، وقوات الأمن المركزي بقيادة عبدالغني الككلي). ونقلت التقارير عن عناصر من تلك الميليشيات أنهم يخشون أن يجدوا أنفسهم بعد الحرب وجها لوجه مع ميليشيات متطرفة سبق أن طردوها من العاصمة وعادت إليها عقب إطلاق الجيش للعملية العسكرية.
وتحيط آمال ضعيفة بنجاح الوساطة المحلية بين الجيش ومدينة مصراتة، لاسيما في ظل استمرار تدفق الدعم التركي للميليشيات، إضافة إلى وجود قوات إيطالية في مدينة مصراتة تحت غطاء إنساني، يقال إنها السبب في تردد الجيش بشأن قصف مواقع المجموعات المتطرفة داخل المدينة.
وترفض حكومة الوفاق ومن خلفها مصراتة دعوات دولية لوقف إطلاق النار وتضع شروطا توصف بـ”غير الواقعية” لإنهاء الاقتتال من بينها عودة الجيش إلى مواقعه شرق البلاد، ما يعكس غياب أي استعداد لوقف الحرب والتفاوض.