ادارة الازمة وليس حلها...
" لغز إبادتنا
البطيء؟"
في المحاضرة التي القاها البروفسور
ماكس مانوارينج خبير الاستراتيجية العسكرية
في معهد الدراسات التابع لكلية الحرب
الأمريكية،
ومكان المحاضرة اسرائيل في 13 آب، أوغست، 2013،
لضباط كبار في حلف الناتو وتم تهريب
المحاضرة سراً يكشف بوضوح
كل الغاز الخراب الحاصل
في المنطقة منذ سنوات،
وهو ايضاً خبير" الجيل الرابع من الحرب"،
وبتعبيره الواضح ان اسلوب الحروب التقليدية صار قديماً،
والجديد هو الجيل الرابع من الحرب،
وحرفياً والنص له:
" ليس الهدف تحطيم المؤسسة العسكرية لإحدى الأمم،
أو تدمير قدرتها العسكرية،
بل الهدف هو: الإنهاك ــــ التآكل البطيء ــــ لكن بثبات،
والهدف هو ارغام العدو على الرضوخ لارادتك".
ويضيف حرفياً:
" الهدف زعزعة الاستقرار وهذه الزعزعة ينفذها مواطنون
من الدولة العدو لخلق الدولة الفاشلة".
" ما يهدد فكرة سيادة الدولة العدو، يقول، هو التحكم باقليم خارج سيطرة
الدولة تتحكم به مجموعات غير
خاضعة للدولة،
محاربة وعنيفة وشريرة، حرفياً، وهنا نستطيع التحكم،
وهذه العملية تنفذ بخطوات ببطء وهدوء وباستخدام
مواطني دولة العدو،
فسوف يستيقظ عدوك ميتاً".
هذه المحاضرة التي قيل إنها أخطر محاضرة في التاريخ
الحديث توضح كل ما جرى من حروب وصراعات مسلحة
أهلية ومن قوى محلية شريرة ومحاربة وعنيفة.
بلا شك لا يمكن أن يتم ذلك من "اشرار وعنيفين"
من دون خلق" مفهوم القضية" وتوظيف الدين
لهذا الهدف أكبر محفز لتحقيقه،
لتحمل مشاق حرب طويلة وتحمل الموت،
مع الوعد الآخروي بفردوس هديته الكبرى
حفلة جنس مع حوريات وعشاء فوري مع النبي،
والاتباع البهائم ينفذون أهدافاً
لا يعرفون عنها شيئاً.
أكثر ما يلفت الانتباه في هذه المحاضرة المسجلة في
شريط فيديو انقل منه حرفيا هي عبارة:
" الإنهاك، والتآكل البطيء".
ولكن لماذا لا يتم الانهيار السريع بدل التآكل الهادئ
والبطيء؟
هذا هو الجزء الأخطر في محاضرة خبير الجيل الرابع من الحرب،
أي حروب الوكالة التي ينفذها بتعبيره "مواطنون محليون"
بدعم عسكري وسياسي أمريكي.
التآكل البطيء يعني خراب متدرج للمدن،
وتحويل الناس الى قطعان هائمة،
وشل قدرة البلد العدو على تلبية الحاجات الاساسية،
بل تحويل نقص هذه الحاجات الى وجه آخر
من وجوه الحرب،
وهو عمل مدروس ومنظم بدقة.
البروفسور وهو ليس خبير الجيل الرابع للحرب فحسب،
بل ضابط مخابرات سابق،
لا يلقي المحاضرة في روضة أطفال ولا في مركز ثقافي،
بل لجنرالات كبار في حلف الناتو،
لا تظهر وجوههم في التسجيل،
وفي عبارة لافتة في المحاضرة يقول بوقاحة
مبطنة مخاطباً الجنرالات:
" في مثل هذا النوع من الحروب قد تشاهدون
اطفالا قتلى او كبار السن،
لكن علينا المضي مباشرة نحو الهدف"،
بمعنى لا تتركوا المشاعر أمام هذه المشاهد
تحول دون" الهدف".
وهذا هو الاسلوب المطبق في العراق وسوريا واليمن
وفي ليبيا وغدا لا ندري أين،
ومرة أخرى السؤال:
لماذا "الانهاك والتآكل البطيء،
بدل اسقاط النظام مرة واحدة؟".
علينا فحص اللغة الماكرة والمراوغة هنا
وبصورة خاصة" الانهاك ـــ التآكل البطيء"
وهي الأخطر وقد تم تطبيق ذلك حرفياً
من قبل مواطني" الدولة العدو"،
وهو تعبير التفافي عن المنظمات الارهابية.
"الانهاك ــــالتآكل البطيء ـــ سيطرة على اقليم،
التحكم، استيقاظ العدو ميتاً".
استراتيجية الانهاك تعني نقل الحرب من جبهة الى أخرى،
من أرض الى أخرى،
استنزاف كل قدرات الدولة العدو على مراحل،
وجعل " الدولة العدو" تقاتل على جبهات عدة
محاصرة بضباع محليين من كل الجهات،
وتسخين جبهة وتهدئة أخرى،
اي ادارة الازمة وليس حلها.
لكي لا يتم انهيار الدولة السريع،
لأن الانهيار السريع يبقي على كثير من مقومات
ومؤسسات الدولة والمجتمع،
وأفضل الطرق هو التآكل البطيء،
بهدوء وثبات وعبر سنوات من محاربين
"محليين شرسين وشريرين" كما يقول هو،
بصرف النظر عن وقوع ضحايا
أبرياء لأن الهدف وهو السيطرة
وتقويض الدولة والمجتمع أهم من كل شيء،
أي محو الدولة والمجتمع عبر عملية طويلة.
هذا المخطط الذي يعترفون به ويدرّسونه،
مطبق وممارس منذ سنوات،
لكن عبر طرق ملتوية ومموهة،
ومغطاة بشعارات صاخبة من حقوق الانسان
والديمقراطية،
وهي لا تشمل حسب المحاضر الاطفال والشيوخ
والمدنيين العزل الذين سيقتلون،
لأن الهدف، السيطرة، هو الأهم.
هل عرفنا الآن لماذا القتل المتدرج،
والبطيء، والهادئ،
واسلوب ادارة الازمة بدل حلها،
ولماذا لا يقتلوننا مرة واحدة؟
لكي تبدو الابادة فعلاً محلياً
وصراعاً مسلحاً بين عقائد صلبة
ونظم حكم،
يتم توزيع السلاح على كل اطرافها،
لكي يستيقظ العدو، أي نحن والسلطة والمجتمع،
موتى.
الاستراتيجية مستمرة،
ومعلنة وممارسة،
وأكبر من يغطي عليها ويبحث عن أسباب
لهذا المحو المنظم،
هو نحن مرة بتجريم التاريخ،
ومرة أخرى الدين وثالثة ثقافة العنف
المتوارثة في الجينات، لخلق عقدة الشعور بالدونية،
بل ذهبت كاتبة وروائية عراقية
الى القول ان شعر المفاخرة العربي
والفروسية هو سبب هذه الحروب.
من حق ماكس مانوارينج وقادة الجيل الرابع
من الحرب، حروب الوكالة،
أن يشربوا الويسكي ضاحكين
لأننا نقتل ببطء ونتآكل بهدوء وثبات،
دولة وسلطة مع كل قيم المجتمع،
دون أن نعرف وجوه القتلة،
وهي أكثر وضوحاً من وجوه القتلى.