مقال وجدال ؟؟؟
اللغة التباوية و الأبجدية اللاتينية
منذ أن بدأت الجمعية الليبية للثقافة التباوية بنشر اللغة التباوية ؛ سواء بإصدارها الصحف و المجلات و غيرها من المقالات و الكتابات الأخرى التي تنشرها عبر موقعها على الفيسبوك كثر اللغط حول حروف اللغة التباوية ؛ بدأ الكل يدلو بدلوه في الموضوع ، المتخصص و غير المتخصص ، و لقد سبق أن أوضحنا عدم إمكانية كتابة اللغة التباوية بغير الأبجدية اللاتينية قبل قرابة سنة في المحاضرة التي نظمتها الجمعية الليبية للثقافة التباوية عن تاريخ الكتابة التباوية .
و في هذه المقالة المختصرة سوف احاول أن أبين الأسباب التي دعتنا إلى القول بعدم إمكانية كتابة التباوية بغير أبجديتها التي أعتاد الناطقون بها الكتابة بها منذ قرن و نيف ؛ ألا و هي الأبجدية المشتقة من الأبجدية العالمية . و يمكن إجمال هذه الأسباب في الفقرات الآتية :ـ
الذين يدعون إلى تغيير الأبجدية التباوية يدعون إلى كتابتها بالأبجدية العربية ، و نحن نرى عدم إمكانية أو استحالة كتابة التباوية بالحرف العربي لأسباب عديدة ، و على رأسها اختلاف النظام الصوتي للغتين ، النظام الصوتي للغة التباوية يختلف تماماً عن النظام الصوتي للعربية ، فمن حيث الصوائت يوجد في العربية ست صوائت فقط ، ثلاثة طويلة و هي الألف و الواو و الياء و ثلاثة قصيرة و هي الفتحة و الكسرة و الضمة ؛ بينما في التباوية يوجد اثنا عشرة صائتاً ؛ خمسة صوائت رخوة و أربعة مشدودة و ثلاثة أنفية ؛ و لا توجد في العربية منها إلا ثلاثة فقط وهي صوائت العربية القصيرة ؛ و تقابل : a , i , u ؛ و أما بقية صوائت التباوية و هي ã , e , ê , î , ĩ , o , ô , û , ũ , ؛ فلا مقابل لها في العربية ، و بالتالي في حالة الرغبة في كتابة التباوية بالحروف العربية ينبغي إيجاد تسعة صوائت جديدة ، و هو ما لا يمكن تصوره .
هذا فيما يتعلق بالصوائت ؛ الأمر لا يختلف بالنسبة للصوامت ؛ هناك عدد من صوامت التباوية لا يوجد لها مقابل في العربية ؛ و هي : nj , ñ , ŋ , p ؛ و كذلك الصوامت المركبة ؛ و هي : mb , ŋg , nd .
خلاصة القول ؛ أنه في حالة كتابة التباوية بالحروف العربية ينبغي إيجاد ستة عشرة حرفاً جديداً تضاف إلى الأبجدية العربية الحالية ؛ و بالتالي لا نكون قد كتبنا التباوية بحروف عربية و إنما بحروف هجينة أقل من نصفها فقط عربية ؛ و لا أعتقد أن هذا ما يطالب به الداعين إلى كتابة التباوية بالحروف العربية .
السبب الثاني الذي يدعونا إلى القول بعدم إمكانية كتابة التباوية بالحروف العربية هو عامل التقنية ؛ و هو أنه في حالة إيجاد حروف جديدة للأصوات التباوية غير الموجودة في العربية ؛ أي إيجاد أبجدية هجينة ؛ فإن هذه الأبجدية لا تستطيع أن تقوم بوظيفتها على أكمل الوجه ؛ لعدم وجودها على أجهزة الحاسوب و غيرها من الوسائل التقنية ، و لا أعتقد أن التبو قادرون على حوسبة هذه الحروف نظراً للتكاليف المادية .
السبب الثالث هو عامل التواصل : إذ من المعروف أن التبو يقطنون في ثمانية أقاليم في خمس دول ؛ إذ يتواجدون في كل من فزان و الكفرة في ليبيا ؛ و كوار و الصحراء بالنيجر ، و تبستي و بركو و اندي و كانم في تشاد ؛ و يوجد العديد من التبو في السودان و نيجيريا ؛ سكان كل هذه الاقاليم يستخدمون الأبجدية اللاتينية في كتابة التباوية ؛ في حالة استبدال تبو ليبيا الأبجدية التباوية إلى أبجدية هجينة مشتقة من الأبجدية العربية ، لا يمكنهم التواصل مع ابناء عمومتهم في باقي أرجاء الوطن التباوي ، و نحن كما نعلم أن الوظيفة الأساسية للغة هي التواصل بين ابناء الأمة الواحدة ؛ إذا كانت اللغة لا تؤدي لهذه الوظيفة فلا قيمة لها ، التباوية المكتوبة بالحروف العربية أو الهجينة لا تؤدي هذه الوظيفة .
إذا كان المبرر الوحيد لتغيير الأبجدية التباوية إلى الحروف العربية هو القرب الجغرافي ؛ فإن هناك أبجدية تباوية خالصة و منسجمة تماماً مع الكتابة التباوية ؛ و هي أبجدية صالح وشمي التي أخترعها منذ سبعينيات القرن الماضي ، صالح وشمي ترك أبجديته و تبنى الأبجدية اللاتينية لكتابة اللغة التباوية رغم ملائمتها للغة التباوية للأسباب المذكورة أعلاه .
في مقابل العيوب الكثيرة للحروف العربية هناك ميزات كثيرة تمتاز بها الأبجدية اللاتينية ؛ و من أهما :
ـ اللغة التباوية الحديثة لا تعرف غير الأبجدية اللاتينية ؛ كما أن كل التراث التباوي المدون مدون بالأبجدية اللاتينية .
ـ الأبجدية اللاتينية أبجدية عالمية تكتب بها العديد من اللغات ؛ إذ تكتب بها كل لغات أوربا الغربية و أفريقيا جنوب الصحراء و معظم لغات آسيا ؛ بل هناك العديد من الشعوب تخلت عن أبجدياتها و تبنت الأبجدية اللاتينية منها التركية و الهوسوية و السواحلية و الإندونيسية ؛ و هناك شعوب في طريقها إلى تخلي ابجدياتها و تبني الأبجدية اللاتينية منها الكردية و الأمازيغية . بل هناك من العرب من يدعوا إلى تبني الأبجدية اللاتينية في كتابة العربية .
*منقول من صفحة \\ الجمعية الليبية للثقافة التباوية HooLîbiyaaAdagaTudaa-