حراك شباب فزان..بين عدالة المطالب ومخاوف التوظيف ...
مقال منقول…
بارَك أهل فزان، وعدد غير قليل من الليبيين، إطلاق حراك فزان وثمّنوا أهدافه وسلميّته منذ إطلاقه وناصروا مبادئه ومطالبه،، لكن بمجرد الإعلان عن إقدام الحراك على إغلاق حقل الشرارة توجّهت الكثير من السهام مستهدفة الحراك بالشيطنة والإدانة وكثير من الاتهامات المختلفة..
الحقيقية أن من الإجحاف المبالغة في لوم شباب الحراك على مطالب محقّة وعلى إجراء أكدوا على سلميته وعلى خُلُوّه من أي استخدام لقوة السلاح.. الكلّ يعلم حجم مأساة فزان ومعاناة أهله، والتهميش والجوع، والإهمال الذي يعانيه الشباب هنالك.. لا أحد يمكنه أن يتجاهل هذه المعاناة أو أن يقلّل من شأنها أو يضع للاحتجاج ضدّها سقفا تحت أية مسميات أو حجج!! فلا أحد يشعر بالجمر أكثر من الذي يسير فوقه.. ولا أحد يلوم حراك شباب فزان على إغلاقه حقلا نفطيا والحال أن هذه الممارسة شائعة ومنتشرة في أكثر من منطقة.. والكلّ يعلم ذلك.. والكلّ يعلم أيضا أن مناطق أخرى أغلقت أنابيب وآبارا وحقولا رغم كونها محظوظة أكثر من فزان،، بل أضرمت فيها النيران،، ونهبتها،، وأخرجتها من الخدمة وحوّلت منشآتها إلى ركام،، رغم كون معاناتها لا تقارنُ بمعاناة فزّان، ومطالبها لا تشبه في شيء ما يرفعه شباب فزان.. فعائدات إنتاج يوم واحد من نفط الشرارة يمكنه أن يحلّ مشاكل المنطقة أو جانبا هاماّ منها، حسب ما قاله أحد شباب المنطقة.. ولا يمكن أن نطالب أهل فزان بالهدوء أو الصبر أو الصمت أكثر من هذا..
إن سهام الشيطنة والتضخيم والتهويل المقصود لن تقلّل من مصداقية المطالب ولا من استحقاقها وعدالتها.. لكن.. المشكلة تكمن في التوقيت ومخاطر التوظيف التي لا يمكن تحصين أي حراك أو عمل احتجاجي شعبي ضدّها في هذه المرحلة وفي بلد مثل ليبيا.. الأطراف المستفيدة من هذا الأمر كثيرة.. لكن المتضررين منه ليسوا بنفس الكثرة، فأكثر ما سيواجههم هو أنهم سيربحون أقل،،، ولن يخسروا شيئا تقريبا.. أما بالنسبة إلى أهالي فزان،، فالأمر سيّان،، لأنهم لن يجنوا شيئا من نفط يتدفق من أراضيهم طيلة سبعة أعوام ذاقوا فيها المهانة والجوع والخوف والأوبئة والانتهاكات..
لكنني لا أميل بأي شكل من الأشكال إلى المضي في مشاريع تخريبية أو السماح باختطاف الاحتجاج الشعبي المطلبي الطاهر والانحراف به نحو وجهات تخدم أطرافا أخرى لا تعرف للمعاناة أو الجوع أو المرض أو الفقر معنى ولا تفقه له دلالة..
أنا أؤمن كثيرا بأن معالجة المشاكل الاجتماعية والتنموية والأمنية والاستجابة لكافة المطالب يكاد يكون ضربا من ضروب المستحيل في ظل مناخ سياسي غير مستقر وفوضى عامة في الدولة.. وهذا سياق يعيشه البلد سيستمر ما استمر الانسداد السياسي.. لكن المعالجات الجزئية تظل ممكنة ولو تعثرت أو أبطأت..
ما نعلمه في هذا الصّدد، هو أن جهودا كبيرة وإجراءات قد أعلن عنها السراج مؤخرا لفائدة الجنوب قد تحلّ مشكلة التفاوت بين سقف المطالب والمستوى الفعلي للإمكانيات والقدرات الحالية للدولة.. وأن هنالك خططا عاجلة لتخفيف المعاناة عن الناس في فزان..وقد يكون من الإيجابي انتظار النتائج ما دام تنفيذ الخطط قد بدأ خلال الأيام الماضية.
هذا لكي ننأى بحراك شباب فزان عن التوظيف ونقطع الطريق عن كل تآمر أو استغلال أو استغفال يُراد به حرمان أهالينا في إقليم فزان الحبيب من حقوق مشروعة فيذهب صبرهم أدراج الرياح لا قدّر الله..