تركوا العلاج في مجتمع التبو …تضامن اجتماعي في مواجهة المرض؟
في غياب تام للخدمات الصحية والعلاجية للدولة ، وفي ظل قناعة تامة بأن الطبيب المحلي ، والدواء المحلي لا يشفيان من المرض تصلح عبارة " دبر راسك يا ليبي " للتعبير عن الحالة حتى اذا لم يقلها أحد لك ..
سوف أدبر رأسي وابحث عن وسيلة انتصر بها على مرضي …
كل اسرة وكل قبيلة في المجتمع الليبي تسعى لحل مشاكلها الاجتماعية في غياب تام لخدمات الدولة…
-المدارس في القرى والمدن يجمعون دينارا من الطلبة لصيانة الأبواب والنوافذ ودورات المياه..
-الطرق المتهالكة بين بعض القرى والمدن يتطوع المواطنين بردمها بوسائل بدائية …
-المصاعد فى بعض المباني السكنية والمصالح العامة يجمع لها تبرعات لصيانتها من العاملين …
-بيوت الله تجمع لها تبرعات من اهل الخير والاحسان لشراء فرش او مكيف وإصلاح دورات المياه..
- أقسام الأورام بالمستشفيات تجمع لها تبرعات لشراء الادوية للمرضى ..
فى ظل هذا الحال في بلاد تعتمد خدماتها على السبيل والإحسان والصدقات , بينما عائد ريع النفط تتصدق بها الحكومة يمينا ويسارا على دول بعينها لأغراض سياسية , من اجل بقاء ثلة فى الحكم الى الابد؟…لا يجد المواطن الليبي المريض حلا لمشكلته الا باللجوء الى اهله وعشيرته من أجل جمع ما تيسر من المال لعلاجه في إحدى دول الجوار…تونس , مصر, تركيا , أو الأردن, أما أوروبا لا يستطيع العلاج بها إلا المقتدرين الذين يملكون الملايين ..والتى لا يعرف مصدرها ؟
فكرة تركوا العلاج فى المجتمع التباوي , جاءت كنتيجة حتمية لسوء الأوضاع والخدمات الصحية في الدولة , و(التركو) هو مصطلح باللغة التباوية وتعني الفزعة والتضامن لمساعدة قريب ألم به شيء يستدعي المساعدة ؟
يجتمع أهل المريض ويقررون جمع مبلغ مالي لعلاجه أما بالداخل او بالخارج, ويفرضون مبلغا ماليا على الأقارب من الدرجة الأولى حتى الدرجة الثالثة والرابعة بحيث يزداد المبلغ للمتبرع كلما صغرت الدائرة ,وتقل كلما بعدت عن الدائرة ؟
أغلب حالات التبرع ( التركوا).. كانت لحالات مرضى الأمراض مثل الفشل الكلوي , و الأورام والسرطانات, وأمراض القلب ؟
في بلاد انهارت فيه الخدمات الصحية , وتحول القطاع العام في الصحة إلى أطلال مقابر يدفن فيها الأحياء من الغلابة الذين لا حول لهم ولا قوة , لا سبيل للمواطن التباوي المسكين الا -التركو- والذي لا يصلح إلا لمرة واحدة ؟
حفظ الله الجميع ..
علي أنر باحث فى التراث والثقافة التباوية -نيوزيلندا